المقالات والبحوث

فتنة تصدي القيادات غير الصالحة. (قراءة في خطاب المرجعية )

فتنة تصدي القيادات غير الصالحة. (قراءة في خطاب المرجعية )
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

بقلم : الشيخ حسن العكيلي 

 

إنّ من المشاكل التي تواجهها الإنسانية بصورة عامة هي إقصاء القادة الحقيقين عن ممارسة دورهم في الصلاح والإصلاح بمقابل تصدي القادة غير المؤهلين للقيادة الذين يصفهم القرآن الكريم(( إذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد )) البقرة / ٢٠٥ 

إنّ قضية القيادة غير الصالحة للأمة تعد قطب الرحى في حدوث الويلات وانتشار الفساد وتسافل الأمم كما يقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم( ما ولّت أمة امرها قط إلى رجل وفيهم من هو اعلم منه إلا وذهب أمرها إلى سفالٍ حتى تعود إلى ما تركت )...

ولأهمية هذه القضية المحورية في حياة الأمم فقد أكّد عليها سماحة المرجع الديني الشيخ «محمد اليعقوبي» في الخطاب الفاطمي السنوي الذي ألقاه بذكرى إستشهاد الصديقه فاطمة الزهراء «عليها السلام» ، ليتطرق فيه إلى أهم سمة تميّز القادة غير الصالحين وهي سمة «النفاق والتوشح بوشاح الدين والصلاح» لكسب مناصب دنيوية (( واذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا إنما نحن مصلحون)) البقرة / ١١ 

وتبرز أهمية هذه القضية في ضوء الوضع الراهن الذي يمر به البلد والتردّي الحاصل في كافة مجالات الحياة وعودة التفجيرات الإرهابية إلى المشهد لتؤكد على خطورة بقاء القيادات غير المؤهلة للقيادة على قمة الهرم ، يقول السيد الشيرازي في كتابه «الاصلاح» : (أمّا إذا كانت زمام الأمور بيد أناس لا يؤمنون بالله ولا يخافون يوم الحساب، أناس انغمسوا في الشهوات واتبعوا الشيطان، فإن نظام الحياة لا محالة سائر على البغي والعدوان، والفحشاء، والمنكر، فيدب الفساد، والإفساد في كافة أنحاء المجتمع، وتعم الفوضى، وتنتشر الأفكار الهدامة والنظريات الباطلة، وتكثر المفاسد الأخلاقية والاجتماعية).

ان المتتبع لخطابات سماحة الشيخ اليعقوبي«دام ظله» يلاحظ نهجه في تأسيس وعي مجتمعي قائم على الثوابت الإلهية والسنن القرآنية، فقد أشار سماحته في الخطاب الفاطمي للعام المنصرم على ضرورة اللجوء للكهف المعنوي لينشأ أناس صالحين، ومصلحين قادرين على التصدي ودفع الفاسدين، والمفسدين لاسيما التصدي للقيادات غير المؤهلة ،وفق سنة« الدفع والتدافع» التي ذكرها القرآن الكريم في عدة آيات منها : " وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ " البقرة /٢٥١ ، وقوله تعالى " وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " الحج/٤٠

فنلاحظ ان هذه الآيات المباركة تبين حتمية انتصار الحق على يد الصالحين والمصلحين...

 

ولابد أن نعلم أن مدافعة الباطل يحفها عوائق وصعوبات أشار إليها سماحة الشيخ اليعقوبي في عدة مناسبات ، و من أهـم هذه العوائق :

 1⃣ تسويل الشيطان لإضعاف النفوس عن قول الحق والعمل به, وقد جاء هذا المعنى في كتاب الله تعالى في مواضع عديدة, قال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6].

 

 2⃣ المقاصد المنحرفة في قول الحق والعمل به كقصد الرياء، والسمعة أو أمر من أمور الدنيا فـ «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» , وكثيراً ما تحبط المشاريع، ويهزم أهل الحق بإنحراف المقاصد.

 

 3⃣العجب بالنفس والغرور سواء بما أعطى الله العبد من القدرات والمواهب، أو بما أنعم عليه من النعم، ويتبع ذلك ازدراء الناس واحتقارهم وغمط حقوقهم واستنقاص مشاريعهم، كل هذا من حواجز الانتصار، وموانع الوصول إلى النتائج الإيجابية في نصرة الحق.

 

4⃣ النزاع، والاختلاف، والفرقة وهي من أعظم الآفات، وأشد الأمراض وأقوى العوائق لنصرة الحق، قال تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46]...

 

ومما سبق تتجلى لنا سنّة الله تعالى في التدافع بين الحق والباطل التي من أبرز مصاديقها القيادة الصالحة الحقة والقيادة الفاسدة الباطلة ، فإدراك هذه السنة، والعمل بما يوافقها هو من عوامل نصرة الحق ونصرة الدين والمذهب ، ودفع الباطل، والوصول إلى الأهداف الايجابية والبناءه.

ومن هنا على الفرد والمجتمع أن تبنى قواعده وفق السنن الإلهية والتعاليم القرآنية ليمكن الوصول إلى ماترجوه الأمة من خير وصلاح .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار