المقالات والبحوث

أمير القيم ومجمع الحكم

أمير القيم ومجمع الحكم
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

بقلم : الشيخ عماد مجوت✍️

 

     لم تعرف الدنيا ولن تعرف رجلاً جسد القيم العليا للإنسانية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كما هو الحال في أمير المؤمنين عليه السلام، ولم تعرف الدنيا ولن تعرف رجلاً جسد العدل وخسر لأجله الأقرب والأبعد مثل أمير المؤمنين عليه السلام، ولم تعرف الدنيا ولن تعرف رجلاً خضعت له الدنيا صاغرة مثل أمير المؤمنين عليه السلام، ومن هنا فإن العاشقين له عليه السلام عاشقون للقيم التي جسدها، عاشقون للعدل الذي أقامه، عاشقون لشموخ نفسه المتعالية عن الإنسياق مع فتن الدنيا، فلم يكن محبوه من فئة أو طائفة أو عرق أو لون، بل كل من أحب القيم والعدل والعفة أحب عليا عليه السلام وصدق بولس سلامة بقوله :

 

لا تَقُـل شيعةٌ هواةُ علــٍّي إنَّ كلَّ منصفٍ شيعـيـًا

 

هُوَ فخرُ التاريخِ لا فخرَ شعبٍ يَصطَفِيهِ ويَدعِيهِ وَلِـيَّـًا

 

#فعلي عليه السلام هو من ينعى على الغافلين عما يراد بهم لغفلتهم، فلا يعول عليهم في الأزمات:( لَبِئْسَ لَعَمْرُ اَللَّهِ سُعْرُ نَارِ اَلْحَرْبِ أَنْتُمْ تُكَادُونَ وَ لاَ تَكِيدُونَ وَ تُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلاَ تَمْتَعِضُونَ لاَ يُنَامُ عَنْكُمْ وَ أَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ سَاهُونَ غُلِبَ وَ اَللَّهِ اَلْمُتَخَاذِلُونَ وَ اَيْمُ اَللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ بِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ [ حَمَشَ ] اَلْوَغَى وَ اِسْتَحَرَّ اَلْمَوْتُ قَدِ اِنْفَرَجْتُمْ عَنِ اِبْنِ أَبِي طَالِبٍ اِنْفِرَاجَ اَلرَّأْسِ).

 #علي عليه السلام ينعى على من يمكن عدوه من نفسه فلا يقيم له وزناً، ويعتبره غير موافق له:(وَ اَللَّهِ إِنَّ اِمْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ وَ يَهْشِمُ عَظْمَهُ وَ يَفْرِي جِلْدَهُ لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ فَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذَلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ اَلْهَامِ وَ تَطِيحُ اَلسَّوَاعِدُ وَ اَلْأَقْدَامُ وَ يَفْعَلُ اَللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ).

#علي عليه السلام يرضى العيش بقسوته على نعومة العيش بظلم العباد(وَاللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ وَغَاصِباً لِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْحُطَامِ وَكَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا وَيَطُولُ فِي الثَّرَى حُلُولُهَا).

 

#علي عليه السلام من لم يجامل في توزيع الأموال العامة حتى مع أخيه:(وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلًا وَقَدْ أَمْلَقَ حَتَّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً وَرَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ غُبْرَ الْأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ وَعَاوَدَنِي مُؤَكِّداً وَكَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمْعِي فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي وَأَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقَتِي فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا وَكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا فَقُلْتُ لَهُ ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ يَا عَقِيلُ أَ تَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ وَتَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ أَ تَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَلَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى).

#علي عليه السلام لا يجامل مع تغليف الباطل بغلاف الحق: (وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَةٍ فِي وِعَائِهَا وَمَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِرِيقِ حَيَّةٍ أَوْ قَيْئِهَا فَقُلْتُ أَ صِلَةٌ أَمْ زَكَاةٌ أَمْ صَدَقَةٌ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَقَالَ لَا ذَا وَلَا ذَاكَ وَلَكِنَّهَا هَدِيَّةٌ فَقُلْتُ هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ أَ عَنْ دِينِ اللَّهِ أَتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي أَ مُخْتَبِطٌ أَنْتَ أَمْ ذُو جِنَّةٍ أَمْ تَهْجُرُ وَاللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ وَإِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا مَا لِعَلِيٍّ وَلِنَعِيمٍ يَفْنَى وَلَذَّةٍ لَا تَبْقَى نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ وَقُبْحِ الزَّلَلِ وَبِهِ نَسْتَعِينُ).

 

#علي عليه السلام من لم يجامل على حساب اقتطاع مال الله تعالى لمشتهيات الحكم والرئاسة، فلا تردد عنده في إعادة مال الله وحق عباده ولو كان مهورا للنساء:(وَ اَللَّهِ لَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ اَلنِّسَاءُ وَ مُلِكَ [ تَمَلَّكَ ] بِهِ اَلْإِمَاءُ لَرَدَدْتُهُ فَإِنَّ فِي اَلْعَدْلِ سَعَةً وَ مَنْ ضَاقَ عَلَيْهِ اَلْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَقُ).

 

#علي عليه السلام من لم تأخذه العناويين، ولم ير نفسه إلا حيث يكون ضعاف الحال, وإلا فلا فرق بين من تشغله الألقاب وأمتلاء الأمعاء وبين البهائم العجماء :(أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلَافِهَا وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا).

 

#فهذا هو علي عليه السلام بلسان علي عليه السلام، فمن رام القيم فهنا عيبتها، وإلا فلا يكون إلا حيث يحب أمير المؤمنين عليه السلام: (أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً يَقْتَدِي بِهِ وَيَسْتَضِي‏ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ أَلَا وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ أَلَا وَإِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ فَوَاللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً وَلَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً وَلَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً وَلَا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً).

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار