المقالات والبحوث

ولادةُ زبور

ولادةُ زبور
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

بقلم: أم محمد السوداني

    في ليلةٍ شعبانيةٍ مُزهرةٍ لاحَ كوكبٌ دريٌّ من الشجرةِ النبويّةِ والدوحةِ الهاشميةِ المُضيئةِ في الوادي المُقدّسِ طوى، دنا فتدلّى فكانَ قابَ قوسينِ أو أدنى من الحُسين (عليه السلام)، احتضنَه سيّدُ الموحدين (عليه السلام) فسقاهُ البلاغةَ والفصاحةَ، وحبا إلى عمِّه الحسن (عليه السلام) فألقمَه الحلمَ والكرمَ، وسعى مع أبيه (عليه السلام) فقلّدَه الصبرَ والشجاعةَ فصارَ سيّدَ الساجدين وجمالَ العابدين، روي عن رسولِ الله :(إذا كانَ يوم القيامةِ يُنادي مُنادٍ أينَ زينُ العابدين؟ فكأنّي أنظرُ إلى ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطرُ بينَ الصفوف)(1)

     وعُرِفَ بابنِ الخيرتين؛ فهو ابنُ سيّدِ ساداتِ العرب بني هاشم وبنتِ آخر أكاسرة الفرس.

 جعلَ اللهُ في ذُرّيتِه الإمامةَ، واصطفاهُ مع البكائين من الأنبياء آدمَ ونوحَ ويعقوبَ ويوسف (عليهم السلام)؛ إذ خطَّ بدموعِه صُحُفًا ملكوتيةً بأحرف نورانيةٍ دوّنَها ولدُه باقرُ علومِ الأولين والآخرين، ونشرَها إمامُ الجعفريةِ؛ لتهذيبِ النفسِ البشريةِ، وفتحِ أبوابِ الاتصالِ بربِّ العبوديةِ والتمسُّكِ به (سبحانه) رغمَ ظروفِ الأُمّةِ العصيبةِ، فعُرِفَتْ بـ(زبور آل محمد).. 

    كانتْ ثورةً دعائيةً للتخلُّصِ من الجمودِ والانحطاطِ في المزالقِ الشيطانيةِ، فصارتْ من أهمِّ الأرصدةِ الروحيةِ والأخلاقيةِ في الفِكرِ الإسلامي. 

     وأردفَها برسالةِ الحقوقِ ليُعلِّمَ الأُمّةَ كيفَ تحفظُ حقوقَ الإنسانية، تلك الرسالةُ التي عُدَّتْ أقدم وأكمل وثيقةٍ قانونيةٍ، إذ تضمّنتْ أكثرَ من خمسين حقًّا، وجمعتْ كُلَّ الحقوقِ الخاصةِ بالإنسانيةِ والعامة، على حين لم يوثِّقِ الإعلانُ العالمي لحقوقِ الإنسانِ أكثرَ من تسعٍ وعشرين مادةً فقط، أغلبُها إنْ لم تكنْ جميعها لم يُطبَّقْ في بلدانِهم بالشكلِ الصحيح، وعلى الرغمِ من ذلك يتفاخرون بأنّهم مُدافعون وناشرون لحقوقِ الإنسانِ!

    أما إمامُنا السجاد (عليه السلام) فقدِ اتخذها منهجًا في حياتِه قبلَ أنْ ينشرَها بينَ العباد؛ فحرّرَ العبيدَ والإماءَ، بعدَ أنْ علّمَهم التعاليم الدينية وأدّبَهم بالأخلاق الإسلامية، حتى صاروا دُعاةً للإسلام؛ فنشروا علومَ مُحمّدٍ وآلِ مُحمدٍ في بُلدانِهم، وصارَ ظهرُه كسوادِ الليلِ الذي يخرجُ فيه لحملِ جرابِ الطعامِ للفقراء، وحجّ بناقتِه خمسًا وعشرينَ حُجّةٍ لم يزجرْها أو يضربها؛ لرأفتِه ورحمتِه بالحيوان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البحار: 46 / 3 / 1 و ح 3.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار