المقالات والبحوث

هل ان التقليد واجب ؟

هل ان التقليد واجب ؟
المصدر: واحة_وكالة انباء الحوزة العلمية

 

التقليد ليس واجبا في نفسه , وليس الاجتهاد او الاحتياط كذلك واجبان في نفسيهما , وانما الواجب هو تحصيل الحجة الشرعية على الاحكام الإلهية , والذي تتحقق من خلاله المعذرية وفراغ الذمة عن التكاليف الشرعية المعلومة بالعلم الإجمالي . وهذا انما يحصل من خلال التقليد والاجتهاد والاحتياط , فيكون وجوب هذه الأمور الثلاثة عقلي وفطري من باب دفع الضرر المحتمل , او من باب وجوب شكر المنعم , او أداء حق مولوية المولى من خلال طاعته في تكاليفه المعلومة للعبيد بالعلم الإجمالي . 

توضيح ذلك : نحن نعلم بان الله تعالى خلقنا لأجل غاية , ولذلك ارسل الينا رسله وانبياءه وانزل علينا كتبه , فله تعالى تكاليف كلفنا بها ليحقق بذلك الغاية من وجودنا . وهذه التكاليف الإلهية تارة تكون معلومة لدينا بالتفصيل كوجوب الصلاة والصيام والحج والزكاة وغيرها من الواجبات المعلومة للإنسان , والتي بينها الكتاب والسنة الشريفة ووصلت الينا بالتواتر - ولذلك قلنا سابقا بانه في تلك الأمور لا يتحقق التقليد أصلا , لأنه لا يتحقق فيها اجتهاد ولا تكون مقتضى للاحتياط أيضا , لان كل ما كان موردا لهذه الأمور الثلاثة انما هو الاحكام المعلومة بالعلم الإجمالي والتي تكون موردا للظن , واما ما كانت موردا للعلم فلا معنى للاجتهاد فيها او الاحتياط فضلا عن التقليد لأنه تابع للاجتهاد- وتارة لا تكون معلومة لدينا بالتفصيل وانما معلومة اجمالا على نحو الظن , او وصلت الينا من خلال الطرق الظنية كأكثر الاحكام الشرعية المستنبطة من الكتاب والسنة .

وفي تلك الحالة نحن بين خيارين اما ان نهمل هذه التكاليف المعلومة لنا بالعلم الإجمالي ولا نراعيها , واما ان نهتم بها من خلال محاولة معرفة ما يجب علينا فعله وما يمنع علينا فعله , من خلال ومعرفة دلالتها ومعرفة الطريق الذي من خلاله وصلت الينا . 

ولكن اهمال هذه التكاليف المعلومة بالإجمال موجب لتعريض انفسنا للعقوبة الإلهية , لان من حق الله علينا ان نطيعه ولا نعصيه , وهذا الحق ينبع من كونه مولى وخالقا وربا لنا , فلا يجوز في حكم العقل والفطرة اهمال أوامره ونواهيه , ومن يفعل ذلك يستحق العقاب الإلهي في حكم العقل والفطرة . فمن اجل دفع ذلك الضرر المحتمل , وأداء لحق المولى في مولويته يجب علينا العمل بكل أوامره والانتهاء عن كل نواهيه . ولا نستطيع ان نحقق ذلك الا من خلال احد هذه الأمور الثلاثة : الاجتهاد او التقليد او الاحتياط . 

فالتقليد يعتبر احد طرق ثلاثة لتحصيل الحجة الشرعية على الاحكام الالهية المعلومة بالعلم الإجمالي , ومن خلاله وخلال اخويه الاجتهاد والاحتياط , تتحقق المعذرية امام الله تعالى , أي صحة اعتذار العبد امام الله تعالى بانه افرغ جهده لطاعته وعدم ارتكاب ما يخالف أوامره ونواهيه . 

النتيجة : ان التقليد ليس واجبا في نفسه , وانما الواجب هو تحصيل الحجة الشرعية , ومعرفة الحكم الإلهي , والذي لا نصل اليه الا من خلال اما الاجتهاد - أي بذل الجهد في استنباط الحكم الشرعي - واما الاحتياط - بإتيان ما نحتمل كونه مرادا للشارع سواء استلزم التكرار او الإعادة او الفعل او الترك - او من خلال التقليد - الذي هو الرجوع الى المجتهد القادر على الاستنباط من باب رجوع الجاهل الى العالم- بعد العجز عن الاجتهاد والاحتياط . والله العالم . 

 

السيد فاضل الموسوي الجابري

الحوزة العلمية في النجف الاشرف

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار