المقالات والبحوث

المجتمع المحمدي ✍️ الشيخ عماد مجوت

المجتمع المحمدي  ✍️ الشيخ عماد مجوت
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

 المجتمع المحمدي

 

✍️ الشيخ عماد مجوت

 

   يعتبر علماء الإجتماع إن حقيقة المجتمع متقومة بكتلته البشرية، بما يربطها من جغرافية ولغة وثقافة خاصة يتميز بها عن غيره.

 

#والقرآن الكريم وإن تعامل مع هذه الواقعة الإجتماعية ورتب عليها آثار المدح والذم، إلا أنه أسس لمنطق جديد في تصوير المجتمعات وجودا وثقافة؛ حيث تعامل معه على أنه التكتل العقائدي والأخلاقي الذي يرتبط بروابط السلوك الإيجابي على أصعدة الكمال، كما في قوله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ وَالَّذينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الكُفّارِ رُحَماءُ بَينَهُم تَراهُم رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغونَ فَضلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضوانًا سيماهُم في وُجوهِهِم مِن أَثَرِ السُّجودِ ذلِكَ مَثَلُهُم فِي التَّوراةِ وَمَثَلُهُم فِي الإِنجيلِ كَزَرعٍ أَخرَجَ شَطأَهُ فَآزَرَهُ فَاستَغلَظَ فَاستَوى عَلى سوقِهِ يُعجِبُ الزُّرّاعَ لِيَغيظَ بِهِمُ الكُفّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظيمًا﴾[الفتح: ٢٩]. سالبا عن غيرهم الإنتماء إليهم فيما إذا لم يتصفوا بتلك الصفات:﴿وَيَقولونَ آمَنّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسولِ وَأَطَعنا ثُمَّ يَتَوَلّى فَريقٌ مِنهُم مِن بَعدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالمُؤمِنينَ * وَإِذا دُعوا إِلَى اللَّهِ وَرَسولِهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم إِذا فَريقٌ مِنهُم مُعرِضونَ * وَإِن يَكُن لَهُمُ الحَقُّ يَأتوا إِلَيهِ مُذعِنينَ﴾[النور: ٤٧-٤٩].وان كانوا معهم في نفس المجتمع.

 

 #فالمحمديون هم المرتبطون بروابط الفضائل وإن كانوا في أقطار الأرض: ﴿وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الفَوزُ العَظيمُ﴾[التوبة: ١٠٠]. والخارج عنهم من لم يشاركهم في الفضائل وإن كان معهم في الدار :﴿وَمِمَّن حَولَكُم مِنَ الأَعرابِ مُنافِقونَ وَمِن أَهلِ المَدينَةِ مَرَدوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعلَمُهُم نَحنُ نَعلَمُهُم سَنُعَذِّبُهُم مَرَّتَينِ ثُمَّ يُرَدّونَ إِلى عَذابٍ عَظيمٍ﴾[التوبة: ١٠١].

 

#وليست فضائل المجتمع المحمدي بناء يبنى، أو شعارا يرفع، حتى لو كان عنواناً مقدسا:﴿وَالَّذينَ اتَّخَذوا مَسجِدًا ضِرارًا وَكُفرًا وَتَفريقًا بَينَ المُؤمِنينَ وَإِرصادًا لِمَن حارَبَ اللَّهَ وَرَسولَهُ مِن قَبلُ وَلَيَحلِفُنَّ إِن أَرَدنا إِلَّا الحُسنى وَاللَّهُ يَشهَدُ إِنَّهُم لَكاذِبونَ * لا تَقُم فيهِ أَبَدًا لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقوى مِن أَوَّلِ يَومٍ أَحَقُّ أَن تَقومَ فيهِ فيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أَن يَتَطَهَّروا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرينَ﴾[التوبة: ١٠٧-١٠٨]. فلا المسجد يقدس عند المجتمع المحمدي، ولا دعوى سلامة النية " وَلَيَحلِفُنَّ إِن أَرَدنا إِلَّا الحُسنى" كافية في أن يحسب منهم، بل هويتهم الطهارة " لَمَسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقوى مِن أَوَّلِ يَومٍ أَحَقُّ أَن تَقومَ فيهِ فيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أَن يَتَطَهَّروا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرينَ". وسجيتهم العبادة والمودة والرحمة فيما بينهم.

 

#ومن حكم القرآن بعدم المساوة في العاقبة بين المحمديين وغيرهم:﴿أَفَمَن أَسَّسَ بُنيانَهُ عَلى تَقوى مِنَ اللَّهِ وَرِضوانٍ خَيرٌ أَم مَن أَسَّسَ بُنيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانهارَ بِهِ في نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ﴾[التوبة: ١٠٩].

 

#نعم ربما كان مجتمعا نادرا كما يصفهم أمير المؤمنين عليه السلام: " لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله)، فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ! لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً، قَدْ بَاتُوا سُجّداً وَقِيَاماً، يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَخُدُودِهِمْ ، وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ! كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ! إِذَا ذُكِرَ اللهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ، وَمَادُوا كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ، خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ، وَرَجَاءً لِلثَّوَابِ!".

 

ولكنهم موعودون بالإستخلاف الإلهي، الذي لا يكون إلا لمن كان في ركب طهارتهم:﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ﴾[النور: ٥٥].

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار