المقالات والبحوث

أدب الخطاب ✍️ الشيخ حسن عطوان

أدب الخطاب   ✍️ الشيخ حسن عطوان
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

أدب الخطاب 

 

✍️ الشيخ حسن عطوان

 

 

قال عزَّ من قائل : 

 

( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ... )

[ النساء : 43 ] 

 

الملامسة في الآية الكريمة كناية عن الْجِمَاعُ .

كدرسٍ لنا في العفة حتى على مستوى الألفاظ .

 

_ وفي نفس الآية عبّر القرآن الكريم ب : 

 

الْغَائِطِ وهو في الأصل : المكان المنخفض من الأرض .

واستعمله القرآن الكريم هنا كناية عن قضاء الحاجة ، لئلا يستقذر المستمع ما لو ذُكر اللفظ صريحاً .

 

_ وقال تعالى أيضاً : 

 

( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ ) [ المائدة : 75 ] .

 

ومن الواضح أنَّ الوصف بأكل الطعام لايشكل في ذاته حزازة .

إنّما القرآن الكريم يُكني هنا عن حاجتهما لقضاء الحاجة ، بذكر الملزوم وإرادة اللازم ، حيث أنَّ من لوازم أكل الطعام قضاء الحاجة .

 

_ وهكذا الحال في لسان العرب ، 

كانوا يتفننون في أدب الخطاب ويُعَلّمون أبناءهم على ذلك .

 

فَعَبّروا : 

 

عن المريض أنَّه في عافية .

وعن الأعمى أنّه بصير .

وعن الأعور أنّه كريم العين .

 

_ وهذا ياقوت الحموي ( المتوفى : 626 هج ) عندما تَرْجم لإبن جِنّي ( المتوفى : 392 هج ) ، و‏كان كريم العين .

كتب : " كان ابن جِنّي مُمَتّعاً بإحدى عينيه " .

 

_ عندما رأى هارون اللارشيد في بيته ذات مرة حزمة من الخيزران فسأل وزيره الفضل بن الربيع : ما هذه ؟؟

فأجابه الوزير : عروق الرماح يا أمير المؤمنين ! 

ولم يقل له : أنها خيزران ؛ 

لأن أم هارون كان اسمها ( الخيزران ) ، وتأدباً أمام هارون لم يذكر الوزير إسم أمه .

 

_ أحد السلاطين سأل ابنه من باب الاختبار 

ما جمع مسواك ؟؟

فأجابه ولده :

" ضد محاسنك يا أمير المؤمنين " ،

ولم يقل الولد : " مساويك " تأدباً أمام أبيه .

 

_ سُئِل العباس عم النبي الأكرم ذات مرة : 

أنت أكبر أم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) ؟؟

فأجاب : " هو أكبر مني ، وأنا ولدت قبله " .

 

فما أحوجنا اليوم لتربية أبنائنا بمثل هذا الأدب في الخطاب ، بعد أنْ أستولت على أسماعهم وأذواقهم ومن ثم على ألسنتهم لغة بعض وسائل التواصل الإجتماعي الضحلة ، الهابطة ، التي يعُف عنها الذوق السليم .

 

 

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار