النجف الأشرف حاضرة العلم ومعلمة الأجيال .

✍️ الخطيب الحسيني السيد رسول الياسري 

#الحلقة_الثانية

قال تعالى في محكم كتابه: {وَتَرَىٰ كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ⚫ لَوْلَا يَنْهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} المائدة ٦٣/٦٢

بعد أن وجهت سؤالا في الحلقة الماضية جاءتني من بعض الأخوة الأكارم أجوبة مختلفة , فالبعض قدم شكره لما في ذلك السؤال من تذكير ودعوة للأخذ بيد يتامى آل محمد (ص) المنقطعين عن إمامهم (عج) لعلهم يصلون إلى بر النجاة والبعض الآخر علل وقدم أعذارا لا تصمد أمام النقد والمناقشة وسأقوم بمناقشتها تباعا إن وفقت لذلك وبقي في العمر بقية إن شاء الله تعالى .

لكني سأسأل مرة أخرى الذين سكنوا في النجف الأشرف وأعرضوا عن محل سكناهم من العراقيين وغيرهم(١) ماذا قدمنا للنجف الأشرف من خدمة لاسيما وان عدد الطلبة الساكنين فيها يفوق ال (٥٠٠٠) طالب علم على أقل التقادير , ولو أنفق كل واحد منهم ساعة من وقته في كل يوم للوعظ والأرشاد وهداية المجتمع وغيرها مما ذكرناه في الحلقة الأولى لأصبحت النجف الأشرف مشرقة أكثر ولزالت السحب عن سمائها .

نعم لا أنكر وجود ثلة خيرة تقوم بذلك ولكن حاجة النجف الأشرف(٢) أكبر والتحديات والظواهر المجتمعية السلبية واضحة وأصبحت تنقل من على شاشات التلفاز عبر محطات عالمية فلا يلمني أحد على ما أناقشه بهدف المعالجة والإصلاح والتغيير . 

في يوم من الأيام سألت أحد هؤلاء الأخوة العاملين جزاهم الله كل الخير عن مدى تعاون أخوته الطلبة معه في التواصل مع المدارس والجامعات الأكاديمية(٣) فقال أن التعاون ضعيف جدا بل يكاد أن يكون معدوما رغم توفر الفرص الكثيرة والتي كانت أمنية للجيل الذي سبقنا الذين لوعادوا إلى الحياة بعد شهادتهم لماتوا ألما من أهمالنا لهذه الفرص التي أتاحها لنا مالك الملك جل وعلا ومما يؤسف له خلو الكثير من المساجد من طالب علم يصلي بالناس جماعة وهي أوضح مهمة يفترض أن يقوم بها طلبة العلوم الدينية مما أضطر البعض من اصحاب المساجد ومتوليه أن يأتي بشخص من غير طلبة العلم للصلاة بالناس جماعة وقد يقول البعض أن صلاة الجماعة لا يشترط فيها أن يكون الإمام معمما أو من طلبة العلوم الدينية بل يشترط أمور أخرى وأهمها العدالة وصحة القراءة نعم هذا صحيح ولكن المجتمع يحتاج إلى من يأخذ بيده للتعرف على كيفية التربية الصحيحة للأبناء والمعالجة الدينية لحالات التعاطي للمخدرات والتعامل المناسب مع الزوجة خصوصا مع كثرة حالات الطلاق وتصحيح التعاملات التجارية وما شابه مع طغيان الربا ومجابهة الأفكار الواردة وغيرها من التكاليف والمهام الملقاة على عاتق طلبة العلوم الدينية .

وهنا أود أن أذكر حالة من الحالات التي لفتت نظري جدا قبل قرابة ثلاث سنوات أو أكثر حيث تحركت ثلة خيرة من طلبة العلوم الدينية بمعية بعض المواكب الحسينية لتشريع قانون قدسية النجف الأشرف فكان بعض أصحاب المواكب متعجبا من تحمسنا ووقوفنا معهم حيث نقلوا لي أنهم تواصلوا مع بعض الطلبة ولكن لم يجدوا تفاعلا منهم!!! وكان المفروض أن يشتكي طالب العلم من عدم أستجابة المجتمع وليس العكس وكذلك الحال في إحياء عيد رأس السنة الميلادية وعيد الحب المزعوم بإحياء يتناسب مع النجف الأشرف وقدسيتها كي لا تكون هناك حالات تخالف الأدب العام كما هو واضح ويجري بدفع من أطراف سياسية فاسدة بالتواطئ مع دول معلومة لدى كل عاقل ولبيب تسعى لتغيير ثقافة المجتمع الدينية والأجتماعية القيمة لتحقيق مخططاتها الشيطانية فكانت المشاركة خجولة من طلبة العلم والذين كان يؤمل منهم أن يكونوا هم في الصدارة وهو ما يؤسف له والغريب أن بعض الشباب ممن يظهر بمظهر الإنحراف تأثروا وشاركوا في هذه الفعاليات الثقافية والاجتماعية الإسلامية ولم يشارك طلبة العلم!!!! يئسا منهم أن لا جدوى من هذه الفعاليات!!! .

سأقتصر على هذا المقدار من الحديث تجنبا للإطالة وللحديث بقية في الحلقات القادمة إن بقينا وبقية الحياة إن شاء الله تعالى . والحمد لله رب العالمين .

___________

(١) راجع الحلقة الأولى

(٢) فكم تحتاج بقية المحافظات ياترى؟! 

(٣) وقد كان رسول الله (ص) يجلس مع أعرابي لأجل هدايته في مواضع بيع الأبل