أخبار المراجع والعلماء

المرجع اليعقوبي يتحدث عن ضمان انخفاض قيمة العملة

المرجع اليعقوبي يتحدث عن ضمان انخفاض قيمة العملة
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف

المرجع اليعقوبي يتحدث عن ضمان انخفاض قيمة العملة

 

تتعرض العملة النقدية إلى انخفاض في قيمتها الشرائية بما يُعرف بظاهرة ((التضخم)) فترتفع أسعار السلع والخدمات وقد ترتفع قيمة العملة لسبب أو لآخر، وهي ظاهرة مقلقة للحكومات والاقتصاديين وعامة الناس لما لها من آثار وتداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية، ولأنها حالة معقدة يصعب السيطرة على إدارتها وتوجيهها وتجنّب أضرارها.

 

وقد فتحت هذه الظاهرة الباب لأسئلة فقهية عديدة وفي أبواب مختلفة فإذا كان المهر مائة دينار قبل أربعين عاماً وهو مبلغ يمكن به شراء سيارة أو قطعة أرض يومئذٍ فإذا أراد دفعه اليوم فإنه لا قيمة للمبلغ وقد سقط عن المالية اليوم فهل تبرأ الذمة بدفع نفس المبلغ المسمى؟ أو كان له قرض على أحد أو أن ذمته مشغولة بثمن مبيع مؤجل، أو أنه ضمن مبلغاً لأحد بسبب سرقة أو غصب ونحوها وأراد إرجاعه فهل يجزي دفع نفس المبلغ؟ وفي باب الخمس لو كانت له سلعة قيمتها ألف دينار ثم ارتفعت قيمة السلعة بسبب انخفاض العملة فهل يعد هذا ربحاً يخمس عند رأس السنة؟ مع أن هذا المبلغ المرتفع لا يفي بنفس البضاعة, وفي باب المضاربة هل يجبر الانخفاض في قيمة العملة قبل احتساب صافي الأرباح أم لا؟ أي هل من حق صاحب المال أن يسترجع ماله بنفس القوة الشرائية في بداية العمل قبل أن يحسب الربح الحاصل أم ليس له إلا المبلغ المسمى؟ هذا في حالة انخفاض قيمة العملة، وقد يحصل ارتفاع فيها الذي قد يكون سريعاً وحاداً وبنسبة كبيرة.

 

و يمكن تحصيل أربعة أقوال في المسألة هي: القول بالضمان مطلقاً وبعدمه كذلك والتفصيل وخيار الفسخ إذا كان التفاوت فاحشاً.

 

والقول المختار لسماحة الشيخ اليعقوبي عدم ضمان انخفاض القوة الشرائية للأوراق النقدية لأنها من المثليات فتضمن بأمثالها، لكن هذا الحكم لما كان دليله سيرة العقلاء، وهو دليل لبي فيقتصر فيه على القدر المتيقن، أما ما عدا هذا القدر فيضمن بالقيمة يوم الضمان، لأن غرض العقلاء من مبادلاتهم ومعاملاتهم هو حفظ مالية أموالهم، وإنما حكموا بضمان المثلي بالمثل لأنه يضمن لهم ذلك، فالأصل في ضمان الأموال هي القيمة والمفروض أن نعود إليه عند الشك، لكن العقلاء خرجوا منه بكبرى كلية هي ضمان المثلي بالمثل وبنوا عليه معاملاتهم وتراضوا به وأقدموا عليه فوسّعوا دائرة عدم الضمان، ويدخل تحت هذه الكبرى كل ما تعارف شمول حكم العقلاء له، دون ما شُكَّ فيه، ومن الموارد الخارجة عن القدر المتيقن تخصصاً أو تخصيصاً:- 

 

1- إذا كان ذلك الانخفاض بسبب اعتماد الجهة المصدرة للعملة لإصدار مغاير منها فيكون من حق المضمون له المطالبة بما يعادل قيمة العملة الأصلية، كالذي حصل في العراق عندما أصدرت الحكومة ما يعرف بـ(دينار الطبع) واختفى ما يعرف بـ (الدينار السويسري)

 

 لكن هذا في الحقيقة لا يعد استثناءً من القول بعدم الضمان؛ لأن العملة الجديدة ليست مثلاً للعملة السابقة وإن حملت نفس اسمها وفئتها فلا تعدّ مثلاً لها.

 

2- إذا تعرض البلد لحوادث مفاجئة كحرب ماحقة أو حصار خانق أو بعض المواقف السياسية والقرارات الدولية فحصل انهيار سريع في العملة، فإنه وإن لم يغير الحكم –وهو عدم الضمان- لكن الأحوط للمتعاملين التصالح على تسوية الحقوق بينهما باعتباره ضرراً لم يقدم عليه صاحب الحق، وإذا لم يتصالحا فيكون من وظائف مرجع الأمة التدخل في ذلك ولو ببذل مال مما تحت يده أسوة بالأئمة المعصومين (عليهم السلام).

 

3- إذا أدى الهبوط إلى سقوط الأوراق المالية عن القيمة –ولو بحكم العرف- كما حصل في بعض الدول فصار الناس يجعلونها ورقاً للزينة يغلفون بها الجدران ونحوها، وحينئذٍ لصاحب الحق المطالبة بالقيمة، وهذا الفرض خارج عن مسألتنا لأن كلامنا في انخفاض قيمة العملة وليس في سقوط المالية من أساسها.

 

4- يمكن تصور ضمان المالية والقوة الشرائية إذا كانت هي الملحوظة أولاً وبالذات وإنما لوحظ مقدار العملة على نحو الآلية لتحقيقها وليس على نحو الاستقلالية، كما لو أوصى بأن يصرف مقدار مائة دينار من حاصل غلة الأرض الفلانية لإقامة مأتم حسيني أو إطعام الزوار أو تزويج العلويين، وأصبح ذلك الرقم لا قيمة له اليوم فإن العرف يرى أن الموصى به ليس الرقم بعنوانه وإنما ما تقام به تلك الأمور فإذا انخفضت قيمة المبلغ فيخرج من الحاصل ما يفي بإقامة الأمور الموصى بها، أي أن المبلغ هنا مأخوذ على نحو الآلية لا الاستقلالية. 

 

انظر موسوعة (فقه الخلاف) لسماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي ج/10 , ص 107 , والصادر عن دار الصادقين 1441هـ / 2020م.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار