المقالات والبحوث

⚫ محرم والمحرومون ✍️ ام حوراء النداف

⚫ محرم والمحرومون   ✍️ ام حوراء النداف
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

⚫ محرم والمحرومون

 

 

✍️ ام حوراء النداف 

 

 

قال د. بيرج ١ في معرض حديثه عن صيام شهر رمضان؛ إن أولئك الذين يشكون من مشكلات هضمية لايعلمون ان العلة ليست في الصوم وإنما في ما يأكلون ويشربون قبل الصيام او بعد الإفطار، مما يفسد عليهم الآثار الصحية الايجابية التي يحصل عليها الجسم أثناء الصيام.

حقيقة أحسست بشعور غريب لدى سماعي لهذه العبارة، ومن حيث ادري او لا أدري وجدت نفسي اسحبها على سائر الفرائض والتكاليف الشرعية من واجبات ومستحبات.

فلو تأملنا قليلا لوجدنا أننا بحاجة إلى معرفة حقيقة العمل التكليفي الذي نقبل عليه وكيفية الاتيان به على الوجه الصحيح لنجني ثماره الطيبة.

فالصلاة والحج وسائر الفروع الدينية لابد لها من مقدمات علمية وعملية تشفع لتمام العمل وتحقق الأثر المرجو، وإن الاهمال الحاصل في هكذا مقدمات يضيع على المكلف لذة القرب والوصال من صاحب الملك والملكوت عند مباشرة الفر يضة، وبالتالي سيحرم نعمة الرضوان الحالة في ساحة الطاعات. 

في شهر محرم الحرام يجد المؤمنون أن تكليفهم الشرعي يقتضي مواساة الرسول وأهل بيته الكرام بفاجعة كربلا المروعة، ومضت الاجيال اللاحقة تقتفي أثر الاجيال الماضية في سائر الشعائر والطقوس المعتادة في هذه المناسبة دون وقفة تدبر في حقيقة ما يعملون. لذا نجد الكثير من المعزين، وللأسف الشديد يتحلون بأخلاقيات معسكر بني امية وهم يذرفون الدمع على سيد الشهداء، فغدوا مصداقا واقعيا لقوله الشريف

الدين لعقا على ألسنتهم يحوطونه مادرت معايشهم فإن محصوا بالبلاء قل الديانون ٢

لا لشيء إلا لأنهم لم يسعوا الى فهم حقيقة عاشوراء الامام الحسين عليه السلام.

طبعا لايمكن باي حال اغفال الاسباب التاريخية الدافعة نحو الانحدار بالمستوى الديني والأخلاقي للأمة الإسلامية عموما وشيعة أهل البيت خصوصا والمتمثلة بالحروب الفكرية والثقافية والسياسية التي مورست ضد القواعد الإسلامية على مر الدهور من قبل الحكومات الاستعمارية ومن والاهم من العملاء المتطرفين .

لكن لا عذر اليوم بعد هذا الانفتاح الثقافي وغياب الرقابة المعادية.

 لماذا لازلنا واقفين عند سواحل عاشوراء !؟

الن نكتفي من التفرج على التشابيه؟!

اقتربوا قليلا واجعلوا قدامكم تبتل بماء عاشوراء الضامئ للنصرة.

إننا وللأسف الشديد نَحرِم أنفسنا من تلبية النداء!

الا هل من ناصر ينصرنا! ٣

لاننا عزفنا عن الاغتراف من معين العلم والمعرفة وبالتالي فقدنا القدرة على ادراك معنى ذلك النداء ومعنى ان نوفق لتلبيته!

 فلم نقدم لأنفسنا ما يعيننا على خوض غمار عاشوراء. 

فما هي حقيقة عاشوراء؟ وكيف يجب أن يكون الحزن في عاشوراء؟

مَنْ زَارَ قَبْرَ الحسين عَارِفاً بِحَقِّهِ كَانَ كمن زار الله في عرشه (تهذيب الاحكام ج6 / 4)

 إن الامام الصادق عليه السلام و في هذا الحديث يقيد تحقق الأثر المطلوب بأقتران الزيارة بالمعرفة، فإذا ماتحققت تلك المعرفة،أصبح للحزن طعم آخر وباتت عاشوراء سبيل للتكامل والرقي الإنساني حتى نستحق مقام الملائكة المحدقين بعرش الله سبحانه.

فدموعنا لن تكون عاطفية بل ستكون توحيدية عقائدية تنعى فقد حجة الله على العالمين وقرآنه الناطق، والأمين على وحي الله وشرعه.

فإذا كانت المقدمة صادقة كانت النتيجة حتما صادقة. لذا لا بد من بذل الجهد والسعي الحثيث لتحقيق هذا المطلب،وإلا فإنه من المؤسف حقا أن نكتفي بالوقوف على أعتاب محرم وننظر نظرة المحرومين الى أنصار الامام الحسين عليه السلام ونقول بحسرة 

ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما.٤

 

 

١/ د. ايريك بيرج طبيب متخصص في العلاج اليدوي وحمية الكيتو واستاذ في جامعة هارفارد،امريكا.

 

٢/ بحار الانوار ج٧٥

 

٣/ موسوعة عاشوراء، ش. جواد محدثي

 

٤/الاية 71الى الآية 73 سورة النساء،

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار