المقالات والبحوث
تفاصيل في عابس بن شبيب الشاكري قلما تُعرف ✍️ الشيخ حسن عطوان
تفاصيل في عابس بن شبيب الشاكري قلما تُعرف
✍️ الشيخ حسن عطوان
حقق أستاذ الحوزة العلمية في النجف الاشرف سماحة الشيخ حسن عطوان
في أحد أهم أنصار الامام الحسين عليه السلام البطل عابس بن شبيب الشاكري
فقال دام عزه:
[ عابس الشاكري ..
وعبارة : حب الحسين أجنني ]
◀️ عابس بن أبي شبيب الشاكري من قبيلة بني شاكر ، وهم بطن من هَمْدان ، وقد عُرفوا بأنّهم من شجعان العرب وحماتهم .
وكانوا من المخلصين بولائهم لأمير المؤمنين (عليه السلام ) .
- كتب الطبري :
" أقبل مسلم حتى دخل الكوفة فنزل دار المختار بن أبي عبيد ...
وأقبلت الشيعة تختلف إليه ،
فلما اجتمعت إليه جماعة منهم ،
قرأ عليهم كتاب [ ال ] حسين فأخذوا يبكون ،
فقام عابس بن أبي شبيب الشاكري فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أمّا بعد ، فإنّي لا أخبرك عن الناس ،
ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرك منهم !
والله أحدثك عما أنّا موطن نفسي عليه ،
والله لأجيبنكم إذا دعوتم ولأقاتلن معكم عدوكم ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله لا أريد بذلك إلا ما عند الله " .
???? بصيرة نافذة ، اذ استشرف مآل الأمور ، فهو يلمّح الى إحتمال خذلان الناس ، ومع ذلك لم يتزعزع موقفه ، فرغم توقعه الخذلان لكنّه مصمم على الدفاع عن مبادئه .
- وكتب الطبري أيضاً :
" وقد كان مسلم ابن عقيل حيث تحول إلى دار هانئ بن عروة وبايعه ثمانية عشر ألفا قدم كتابا إلى [ ال ] حسين مع عابس بن أبي شيبب الشاكري .
أما بعد فان الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً فعجلْ الإقبال حين يأتيك كتابي ، فإنّ الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأى ولا هوى والسلام " .
- وكتب أيضاً :
" قال عابس بن أبي شبيب يا أبا عبد الله ، أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز عليّ ولا أحب إليّ منك ، ولو قدرتُ على أنْ أدفع عنك الضيم والقتل بشئ أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته ، السلام عليك يا أبا عبد الله ، أُشهد الله أني على هديك وهدي أبيك .
ثم مشى بالسيف مصلتاً نحوهم وبه ضربة على جبينه .
( قال أبو مخنف ) : حدثني نمير بن وعلة عن رجل من بني عبد من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم ، قال :
لما رأيته مقبلاً عرفته ، وقد شاهدته في المغازي وكان أشجع الناس ، فقلت أيها الناس هذا الأسد الأسود ( 1 ) ،
هذا ابن أبي شبيب ،
لا يخرجن إليه أحد منكم ،
فأخذ ينادي ألا رجل لرجل ؟!
فقال عمر بن سعد ارضخوه بالحجارة ،
قال فرمي بالحجارة من كل جانب .
فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره ،
ثم شد على الناس فوالله لرأيته يكرد [ يطرد ] أكثر من مائتين من الناس ،
ثم إنهم تعطفوا عليه من كل جانب فقُتل " ( 2 ) .
- هذه هي تفاصيل قصَّة إستشهاد عابس الشاكري كما وردت في تاريخ الطبري عن مقتل أبي مخنف الذي يُعدّ أقدم مصدر عن واقعة عاشوراء .
◀️ وقد وقع البحث والسؤال :
هل أنَّ عابس قد رمى سيفه ومزّق ملابسه ؟؟
ولمّا قيل له : ( هل جُننت )
أجابهم : أنَّ ( حبُّ الحسين أجنّني) ؟!!
???? الجواب :
- المنقول في المصادر المتقدمة : أنّ عابساً لّما رأى إحجامهم عن مبارزته ، رمى درعه ومغفره .
- أما أنّه رمى سيفه ومزّق ملابسه ، فلم ينقل أحد من المتقدمين ذلك .
- وايضاً لم ينقل أحد من المتقدمين أنَّ عابساً قال :
" حبُّ الحسين أجنني " .
- وكل المصادر التي بين أيدينا تُشير إلى أنّه ألقى درعه ومغفره فقط .
والدرْع : قميص من الحديد يُلبس وقايةً من السلاح .
أمّا المِغْفَرُ ، فهو : زَرَدٌ تُنسج من الحديد يُلبس على الرأس .
◀️ نعم ، أوردتْ بعض الكتب المتأخرة العبارة المُشار اليها ، بنحو مُرْسل ، لم تذكر له سنداً ولا مصدراً .
- كتب الشيخ أسد حيدر :
" وكان عابس بن شبيب الشاكري من أولئك الشجعان الذين يحْجم الأبطال عن مبارزتهم ... وحين رأى إحجامهم عن الدنوِّ إليه احتقرهم ، واستهان بهم ، فرمى المغفر وألقى الدرع ؛ فقيل له : أَجننت يا عابس ؟! قال : حبُّ الحسين أجنَّني " ( 3 ) .
???? والشيخ أسد حيدر ، ( 1327 - 1405 هج ) ، باحث معاصر ، ولم يذكر لنا مصدراً لما نقله .
◀️ وقيل :
أنَّ أول ذكرٍ لذلك كان في كتاب ( روضة الشهداء ) ، ومؤلفه : كمال الدين حسين بن علي الواعظ الكاشفي ( ت : 910 هج ) .
وهو كتاب قد كُتب بـالفارسية قبل ( ٥٠٠ عـام ) تقريباً .
ويُعدّ أول مقتل باللغة الفارسية شاعت قراءته عندهم ، فصار يُقال لمن يقرأ هذا الكتاب على المنابر ( روزة خون ) ، أي قارئ الروضة .
ثم صار هذا اللقب يُطلق على الخطيب الحسيني حتى عند العرب .
عظّم الله أجوركم .
*****
( 1 ) هذه العبارة ، أوهمت البعض أنّ عابساً كان أسود البشرة ، ولم يثبت ذلك .
على أنَّ بعض المصادر قد وصفته بأنّه كان رئيساً في قومه .
ولعل هذه العبارة مُصَحّفة ، وأصلها :
هذا أسد الأسود ، كناية عن شجاعته ، وليس الأسد الأسود .
( 2 ) الطبري ، محمد بن جرير ، ( ت : 310 هج ) ، تاريخ الأمم والملوك ، ، ج 4 ، ص 264 ، وص 281 ، وص 338 - 339 ، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت .
والطبري في واقعة عاشوراء يروي غالباً عن مقتل أبي مخنف ، لوط بن يحيى ، المتوفى : ( 158 هج ) ،
وأبو مخنف وإنْ لم يثبت تشيعه بالمعنى الأخص ، أعني : ما يعبر عنه العامة بالرفض ، ولكنّه كان شيعياً في هواه لأئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، كأكثر الكوفيين ، غير رافض لمذهب عامة المسلمين ، كما هي عبارة الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي .
ومقتل أبي مخنف لم يصلنا ، والمطبوع منه لا يُعرف مصدره وفيه أغلاط كثيرة .
نعم توجد طبعة لهذا الكتاب بعنوان ( واقعة الطف ) ، قد أُستلت من تاريخ الطبري .
( 3 ) أسد حيدر ، الشيخ ، ( ت : 1405 هج ) ، مع الحسين في نهضته ، ص 208 ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت ، ط 2 ، 2010 م .
*****
[ له تتمة ]
[ حسن عطوان ]
© Alhawza News Agency 2019