أخبار المراجع والعلماء

مسؤولية الإعلام في نشر الحقائق وترسيخ المبادئ السامية لما فيه خير الإنسانية وصلاحها

مسؤولية الإعلام في نشر الحقائق وترسيخ المبادئ السامية لما فيه خير الإنسانية وصلاحها
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

مسؤولية الإعلام في نشر الحقائق وترسيخ المبادئ السامية لما فيه خير الإنسانية وصلاحها  

 

دعا سماحةُ المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)، باغتنام يوم المنبر في الأول من شهر صفر والايام التي تليهِ، فرصةً لانطلاقةٍ جديدة وقفزةٍ في مشروع الدعوة الى الله تبارك وتعالى وأولياءِهِ العِظام.. واستثمار جميع المنابر والمنصّات، وتكريسها للحق ولما فيه خير الإنسانية وصلاحها، ولجميع الأهداف النبيلة.

جاء ذلك في محاضرةٍ ألقاها سماحتُهُ في حشدٍ من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في مجال التبليغ الإسلامي في ضوء الاية الكريمة {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}(النساء : 148) بمكتبه في النجف الاشرف.

وأوضح سماحتُهُ (دام ظله) إن الآية الكريمة تبيّن أدباً من آداب الإسلام، في عدم جواز ذكر عيوب الناس ومثالبهم حسداً او تشفياً او فضولاً ونحو ذلك، لما فيه من مفاسدَ كبيرةٍ على الصعيد الفردي والاجتماعي، منها نشرُ العداوةِ والبغضاء والحقد في أوساط المؤمنين، مما يؤدي الى تنازعهم وتفرقهم، وتمزيق وحدة المؤمنين.. فالجهر بالسوء يشجع ضعاف النفوس على إشاعة الفحش والكلام البذيء.

وبيّن سماحتُهُ (دام ظله) جُملة من مصاديق الجهر بالسوء، التي أُبتليَت بها مجتمعاتنا، وتفشّت بين أوساط الناس، منها التنابز والتعيير بالألقاب والأنساب، والإنتماءات كالقومية او اللون او العشيرة او المدينة او المهنة أو الشريحة الاجتماعية، التي تؤذي صاحبها او إيذاء الاخرين بكلمات جارحة او الافتراء عليهم واتهامهم بأمور هم بريئون منها، أو نقل أخبار عن أشخاص وترويجها بمجرد أنها موجودة في مواقع التواصل والقنوات الإعلامية من دون التثبت والتحقق من مصدرها، ومنه ايضاً النشر العلني لكلام قاله شخص في مجلس خاص ولا يرضى بنشرهِ أو فضح شخص فعل سيئة سراً أو مجلس خاص، فسرّبها أحدهم ونشرها.

ومن المصاديق الأخرى للجهر بالسوء هو إسباغ الصفات المقدسة والالقاب العظيمة لمن لا يستحقها، والمدح والثناء بأعمال لم يقم بها وعلى الممدوح أن يرفضها ويستنكرها.

وتأسف سماحتُهُ لما تشهدُهُ منصات التواصل الاجتماعي من ترويج للفضائح والأخبار المكذوبة ونشر الضلالات والشبهات والعقائد المنحرفة والتشكيك بالعقائد الحقّة وكثرة الدعوات الى الفسق والفجور والانحراف، والدعوة الى أشخاص غير صالحين وزعزعة الاستقرار الاجتماعي بإثارة الفتن وتمزيق وحدة المجتمع، فتحولت هذه الوسائل والمنصّات من التواصل الاجتماعي الى التقاطع الاجتماعي بسوء تصرف الناس وظلمهم لإنفسهم.

وتابع سماحتُهُ في سياق تفسير الآية الكريمة التي استثنت {مَنْ ظُلِمَ}، لأن الله تبارك وتعالى أذِنَ لهُ في الرد على الظالم وكفل له حق التظّلم ونفي الافتراءات التي نُسِبت اليه وفضح مكائد الظالم وذكر مظلوميته عند من يرجوه لرفع الظلم عنه، فهو مستثنى من حرمة نشر فضائح الناس ولا يكون فعلُهُ مبغوضاً عند الله تبارك وتعالى، على أن لا يتجاوز حدود الحق. 

كما استشهد سماحتُهُ بعدة آيات وروايات لايضاح نتيجة مفادها ان المقصود بالاستثناء الوارد قبل آية {مَنْ ظُلِمَ} لا تختص بمن وقع عليه ظلم شخصي في نفسه أو ماله أو سمعته، وإنما تشمل الظلم النوعي، فالإلحادُ ظلمُ لي أنا الموحِّد لله تعالى، والإساءةُ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو التحريف في الدين ظلم لي أنا المسلم، وتسخيف قضية المهدي (عليه السلام) أو الشعائر الحسينية ظلم لي أنا الموالي لأهل البيت (عليهم السلام)، ونشر المثليّة وتحوّل الجنس ظلم لي أنا الإنسان ذو الفطرة السليمة، فعليَّ أن أنتصر وأدفع الظلم إذا وقع أي شيء من هذا.

وأكد سماحتُهُ ان هذا الاستثناء ورَدَ ليردع المجاهرين بالسوء، ويمنع اتكالهم على حرمة الغيبة فيفعلون ما يشاؤون ظلماً وعدواناً، وليكفل للمظلوم حقه في الدفاع عن نفسه، ولا تكون حرمة الغيبة سبباً لحرمانه من هذا الحق. 

ولكي لا يحصل تنافي بين هذا الحكم وما ورد من استحباب العفو والصفح لا بد أن نعرف لكل منهما مورده بحسب الأولوية، فقد يكون العفو والصفح والستر على فاعل السوء أولى في ندمه وتوبته، أو يكون في الجهر بالسوء على الظالم تشجيع له على التمادي في ظلمه لسقوط جلباب الحياء ونحو ذلك فلا يصح الجهر بالسوء، وقد يكون في الردّ عليه وفضحه علاج له لردعه وكفّه عن الظلم وفعل السوء وحينئذٍ يكون الجهر بالسوء راجحاً ولا يحمد العفو والسكوت.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار