المقالات والبحوث

أيهما أفضل: الزيارة عن قرب أم عن بعد؟ ✍️سماحة العلامة الشيخ حسين الخشن

أيهما أفضل: الزيارة عن قرب أم عن بعد؟    ✍️سماحة العلامة الشيخ حسين الخشن
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

أيهما أفضل: الزيارة عن قرب أم عن بعد؟

 

 

 ✍️سماحة العلامة الشيخ حسين الخشن 

 

 

 السؤال: ألا يمكن تأدية «زيارة المعصومين» عن بُعد، وما الفائدة من الذهاب إلى المقامات؟ وماذا عن المبالغة في الثواب الوارد في بعض الروايات؟

 

????????والجواب عن ذلك: 

1️⃣ أولًا: إنّ أصل زيارة الإمام الحسين (ع) أو غيره من أعلام الدين وأئمة المسلمين أمر لا ريب في رجحانه وشرعيته وعظيم ثوابه عند الله، وكثرة منافعه وفوائده، فإنّ فيها تعظيماً وتكريماً لإمام من أئمة الدين، واستدعاءً لمواقفه وتضحياته، واحتفاءً بالقيم والأخلاق التي جسدها، وتأكيداً على اتباع نهجه والاقتداء بهديه، وفيها أيضاً من الاستزادة الروحية والسياحة المعنوية والثقافية والتاريخية الشيء الكثير، وقد أفاض الفقهاء وعلماء المسلمين وكتبوا بشكل مسهب حول مشروعية الزيارة، وأشرنا إلى ذلك وتناولناه في بعض المؤلفات ، وذلك في مقابل الاتجاه السلفي الذي يشكك في الشرعية، معتمداً على بعض الوجوه الضعيفة والتي لا يعوّل عليها. 

2️⃣ثانيًا: إنّ الزيارة مشروعة حتى لو كانت عن بعد؛ ولا دليل على منعها، وهي تحقّق الكثير من المعاني المتقدّمة، على اعتبار أنّ الأساس هو أن تطوف بروحك وعقلك مع روح المزور وعقله، بيد أنّ للقرب المادي جاذبيةً وأثراً بالغين، حيث يتفاعل الإنسان مع الحدث في مكانه وزمانه، ويشعر بأنّه في مسرح ذلك الحدث التاريخي الذي هزّ الضمائر الإنسانية، ويكون ذلك أدعى لاستحضار الصور التاريخيّة التي تتداعى إليه، فهنا وقف النبي{ص}، وهناك قُتل الإمام(ع)، وهنالك صلى وكبّر، وفي هذا الموقع ناجى ربه، وفي ذاك كلّم أصحابه ... إلى غيرها من الصور التي تتداعى إلى ذهنه وهو في أرض الواقع، وتجعله ينطلق في حالة من السمو الروحي الذي يؤثر عليه، ويعطيه درساً بالغاً في متابعة خطى المعصوم وهديه.

3️⃣ ثالثاً: أما الروايات الواردة بشأن درجات الفضل والثواب المعدّين للزائر، حيث قد تعطيه ثواباً مبالغاً به على بعض الزيارات ربما يكون أعلى من ثواب الأنبياء والشهداء والصديقين، فهذه تحتاج إلى تدقيق ودراسة، ولا نستطيع أن نضمن صحتها، بل إنّ بعضها موضع تشكيك كبير، فنحن مع إيماننا بسعة رحمة الله تعالى وعظيم منّه ولطفه وكرمه، لا نسمح لأنفسنا أن نحدّ من كرمه أو نضيّق من سعة رحمته، وأنّى لنا أن نستنكر عليه تعالى ما هو حق من حقوقه ونتدخل فيما لا نملك أمره، وهو الثواب! إنّ ثواب الزيارة من حيث المبدأ ليس مستغرباً ولا مستنكراً، فالله تعالى واسع المغفرة وهو يريد أن يرحم عباده بأدنى سبب فكيف إذا كان السبب وثيقاً كزيارة وليّ من أوليائه، إلا أننا مع ذلك نرسم علامة استفهام على بعض الروايات التي تبالغ في الثواب وتمنح الزائر من الثواب الجزيل الذي لا يبلغه الإنسان لا بالإيمان ولا بالعمل بأهم الأركان والأخذ بأصعب التكاليف وأحمز الأعمال، فإقرار هذا الثواب العظيم على العمل البسيط لا يتناسب مع عدله تعالى ومع قانون «أفضل الأعمال أحمزها»، مما هو ثابت ومنصوص عليه في الصحيح من النصوص. وهذا أمر قد تطرقنا إليه في محل آخر فليراجع.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار