المقالات والبحوث

قبس علوي في توحيد قراني ✍️ الشيخ عماد مجوت

قبس علوي في توحيد قراني   ✍️ الشيخ عماد مجوت
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

قبس علوي في توحيد قراني 

 

✍️ الشيخ عماد مجوت 

 

 

   الدين المستقيم هو الدين الذي يمازج الإخلاص فيه القول والعمل كما حكاه تعالى في كتابه:(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة :5).فلا أخلاص مع التبعات و البدع في دين الله تعالى كما حكاه القران الناطق عليه السلام بقوله:"إنّ من عزائم اللّه في الذّكر الحكيم الّتي عليها يثيب و يعاقب و لها يرضى و يسخط ، أنّه لا ينفع عبدا و إن أجهد نفسه و أخلص فعله أن يخرج من الدّنيا ، لاقيا ربّه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها : أن يشرك باللّه فيما افترض عليه من عبادته أو يشفي غيظه بهلاك نفس أو يعرّ بأمر فعله غيره (أي أن يقذف غيره بأمر قد فعله هو) أو يستنجح حاجة (أي يطلب نجاح الحاجة) إلى النّاس بإظهار بدعة في دينه أو يلقى النّاس بوجهين أو يمشي فيهم بلسانين أعقل ذلك فإنّ المثل دليل على شبهه "( الخطبة :151). 

 

#فلا أخلاص إلا مع التوبة والإصلاح والاعتصام به تعالى كما قال عز أسمه:(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) .(النساء :146).

 

#وحيث كان الدين مع الإخلاص كان أوله وكماله معه قال عليه السلام :" أوّل الدّين معرفته و كمال معرفته التّصديق به و كمال التّصديق به توحيده و كمال توحيده الإخلاص له و كمال الإخلاص له نفي الصّفات عنه لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف و شهادة كلّ موصوف أنّه غير الصّفة ".(الخطبة :1).   

 وقوله عليه السلام : « و كمال توحيده الإخلاص له » في الطاعة و العبادة ، لأنّ من وحّده في الخلق و الإيجاد ، لكن جعل له شريكا في الطاعة و العبادة ، فتوحيده غير كامل . كما حكاه تعالى في غير واحد من آي كتابه قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) (الزمر: 2-3) . وقال تعالى : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (يوسف :106) . وقال تعالى : ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ) (الفرقان :43). 

 

#فظهر إنّ التّوحيد قد يكون ناقصا و قد يكون تاما ، أمّا النّاقص فهو الحكم بوحدانيّته مع عدم الإخلاص له ، و أمّا التّام فهو ما أشار إليه بقوله عليه السلام : (و كمال توحيده الإخلاص له).وقد حكا غير واحد من الأعاظم أن قوله عليه السلام : " و كمال توحيده الإخلاص له " : " فيه إشارة إلى أنّ التّوحيد المطلق للعارف إنّما يتمّ بالإخلاص له ، و هو الزّهد الحقيقي الذي هو تنحية كل ما سوى الحقّ الأوّل عن سنن الإيثار و بيان ذلك أنّه ثبت في علم السّلوك أن العارف ما دام يلتفت مع ملاحظة جلال اللّه و عظمته إلى شي ء سواه فهو بعد واقف دون مقام الوصول ، جاعلا مع اللّه غيرا ، حتّى أنّ أهل الإخلاص ليعدّون ذلك شركا خفيّا ، كما قال بعضهم : من كان في قلبه مثقال خردلة سوى جلالك فاعلم أنه مرض

 

#و أنّهم ليعتبرون في تحقّق الإخلاص أن يغيب العارف عن نفسه حال ملاحظته لجلال اللّه ، و إن لحظها فمن حيث هي لاحظة لا من حيث هي مزيّنة بزينة الحق ، فإذن التّوحيد المطلق أن لا يعتبر معه غيره مطلقا " .

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار