المقالات والبحوث

باذلاتُ المهجِ في الركبِ الحسيني ✍️ أم مصطفى الكعبي

باذلاتُ المهجِ في الركبِ الحسيني  ✍️ أم مصطفى الكعبي
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

باذلاتُ المهجِ في الركبِ الحسيني

 

✍️ أم مصطفى الكعبي

 

 

قالَ الإمامُ الحُسين (عليه السلام): "مَنْ‏ كَانَ بَاذِلًا فِينَا مُهْجَتَهُ وَ مُوَطِّناً عَلَى لِقَاءِ اللهِ‏ نَفْسَهُ، فَلْيَرْحَلْ فَإِنِّي رَاحِلٌ مُصْبِحاً"

كما كانَ للرجالِ دورٌ ضمن البرنامج التخطيطي لقائدِ الثورةِ الإمام الحُسين (عليه السلام)، فإنَّ للنساءِ دوراً مهماً جداً. ولذلكَ أخذَ الإمامُ الحُسين (عليه السلام) النساءَ الخُلّص معهُ كي يؤدينَ الأدوارَ المهمةَ لنصرةِ المشروعِ الإلٰهي أثناءَ المعركةِ وبعدها.

فقدْ كانتْ لهنَّ مهماتٌ متميزةٌ لا يؤديها سوى النساء وعلى رأسهنَّ سيدة البيتِ العلوي عقيلة الطالبيين السيدة زينب (عليها السلام).

فهُنا إشارةٌ إلى ثقةِ المعصومِ بأختهِ وبأنَّ هؤلاءِ النسوةِ قادراتٌ على البذلِ والثباتِ والنصرةِ للحقِّ، لأنَّ الثورةَ الحسينيةَ كانتْ صعقةً لضميرِ الإنسانيةِ والأمةِ الاسلاميةِ بالخصوصِ كي تتحركَ وتنهضَ منْ واقعها المؤلم. 

ولابدَّ منْ إكمالِ الدورِ الاعلامي لتتمَ الرسالةُ والحجةُ للإنسانيةِ جمعاء وعلى مدى العصورِ.

1- أبرزُ المؤمنات زينب سليلة البيت الرسالي وعقيلة بني هاشم: حازت المرتبةَ الأعلى والأسمى بما تحلّتْ منْ ميزاتٍ صلبةٍ في إيمانِها وصبرِها وحكمتِها.

فكانتْ (سلام الله عليها) القطبَ الذي تلتفُّ حولهُ عوائل وأيتام الشهداءِ منْ بني هاشم والأنصار. 

وأمَّا في كشفِ زيفِ الأعداءِ وبيانِ الحقائقِ وإظهارِ مظلوميةِ أهل البيت (عليهم السلام) فاستخدمتْ عدةَ وسائلٍ منها الخطبُ الصادحةُ ببلاغةِ أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) كذلك أسلوبُ الرثاءِ لعظمِ الفاجعةِ وهولِ المصابِ، وأخذتْ تُبيّنُ فضلَ الإمام الحُسين (عليه السلام) ومكانتهُ وقربهُ منْ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهي تقولُ: "بِأَبي مَن جَدُّهُ مُحَمَّدٌ المُصْطَفي. بِأَبي مَنْ جدُّهُ رَسُولُ إِلهِ السَّماءِ. بِأَبي مَنْ هُوَ سِبْطُ نَبِيِّ الْهُدى. بِأَبي ابنُ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفى. بِأَبي ابنُ خَديجَةُ الْكُبْرى. بِأَبي ابنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضى. بِأَبي فاطِمَةُ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمينَ. بِأَبي مَنْ رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ حتّى صَلّى".

2- كلثومُ بنت أمير المؤمنين علي (عليه السلام): ففي روايةٍ عَنِ الصّادِقِ‌ (عليه السلام): خَطَبَت اُمُّ كُلثومٍ ابنَةُ عَلِيٍّ (عليه السلام) في ذلِكَ اليَومِ مِن وَراءِ كِلَّتِها، رافِعَةً صَوتَها بِالبُكاءِ، فَقالَت : يا أهلَ الكوفَةِ، سوءاً لَكُم، ما لَكُم خَذَلتُم حُسَيناً وقَتَلتُموهُ، وَانتَهَبتُم أموالَهُ ووَرِثتُموهُ، وسَبَيتُم نِساءَهُ ونَكَبتُموهُ؟! فَتَبّاً لَكُم وسُحقاً. وَيلَكُم، أتَدرونَ أيُّ دَواهٍ دَهَتكُم؟ …. ثُمَّ قالَت: قَتَلتُم أخي صَبراً فَوَيلٌ لِاُمِّكُمُ‌سَتُجزَونَ ناراً حَرُّها يَتَوَقَّدُ. سَفَكتُم دِماءً حَرَّمَ اللهُ سَفكَها وحَرَّمَهَا القُرآنُ ثُمَّ مُحَمَّدُ"(1)

قالَ الرّاوي :

 فَضَجَّ النّاسُ بِالبُكاءِ وَالنَّحيبِ وَالنَّوح…فَلَم يُرَ باكِيَةٌ وباكٍ أكثَرَ مِن ذلِكَ اليَومِ" 

3- زوجةُ الشهيدِ جنادة بن الحارث الأنصاري، وأمُ الشهيدِ عمرو بن جنادة الأنصاري، منْ أنصارِ الإمام الحُسين (عليه السلام): استُشهِدَ زوجُها في الحملةِ الأولى يومَ كربلاء، فأمرتْ ابنها بالخروجِ للقتالِ، فخرجَ فقاتلَ واستشهدَ، فاحتزوا رأسهُ ورموا بهِ نحوَ معسكرِ الحُسين (عليه السلام)، فأخذتهُ وقالتْ لهُ: أحسنتَ يا بني ويا قرةَ عيني وسرورَ قلبي، ثُمَّ رمتْ بهِ رجلاً فقتلتهُ، ثُمَّ أخذتْ عمودَ خيمةٍ وحملتْ على الأعداءِ وهي تقولُ:

أَنَا عَجُوزٌ فِي النِّساءِ ضَعِيفَهْ بَالِيَةٌ خَالِيَةٌ نَحِيفَهْ

أَضْرِبُكُمْ بِضَرْبَةٍ عَنِيفَهْ دُونَ بَنِي فَاطِمَةَ الشَّرِيفَهْ.

فضربتْ رجلين فقتلتهما، فأمرَ الحُسين (عليه السلام) بردِّها، ودعا لها.

4- أُم وهب زوجة عبد الله بن عمير الكلبي: التحقتْ معَ زوجها ليلاً حتى التحقا بالإمامِ الحُسين (عليه السلام).

اصطّفَ عبد الله معَ الصفوةِ الأبطالِ ووجدَ مكانهُ معهم لينضمَّ إلى قافلةِ الشهداء ولحقتهُ زوجتهُ لتنالَ شرفَ الشهادةِ فجَسّدا أقصى ما يمكنُ أنْ يقدمهُ إنسانٌ في التضحيةِ في سبيلِ الدينِ, وكانتْ تضحيتهما فصلاً رائعاً منْ فصولِ عاشوراء حيثُ تشرفا بالشهادةِ ببنَ يدي حجة الله في زمانهِ.

 وهي أولُ امرأة استشهدتْ في كربلاء معَ الإمام الحُسين (عليه السلام)(2)

بهذا السموّ بهذا العطاءِ والتضحيةِ والفداءِ والروحيةِ والذوبانِ في التسليمِ للمعصومِ.

5- ابنةُ امرؤ القيس زوجة الامام الحُسين (عليه السلام) لمْ تستظل بسقفٍ حتى ماتتْ حزناً وحرقةً على الإمام الحُسين (عليه السلام) (رضي الله عنها) 

6- جارية مسلم ابن عوسجة اخذتْ تنادي وامسلماه فصدحتْ بكلمةِ حقٍّ صكتْ مسامعَ أرض المعركة.

مما ينقلُ في استشهادهِ: "فصاحتْ جاريةٌ لهُ نادبةً إياهُ: وامسلماه، يا بن عوسجتاه، يا سيداه" وصارَ أعوانُ عمرو بن الحجاج -وهو من جيش الأعداء- يتنادون: قتلنا مسلمَ بن عوسجة، فقالَ شبثٌ بنُ ربعيّ لمَنْ حولَهُ : ثكلتكُمْ اُمّهاتُكمْ ، أيُقتلُ مثلُ مسلمٍ وتفرحونَ ! لرُبَّ موقفٍ لهُ كريمٌ في المسلمينَ رأيتهُ يومَ «آذربيجانَ» وقدْ قتلَ ستّةً منَ المشركينَ قبلَ تتامِّ خيولِ المسلمينَ"

7- بعضُ النساءِ شاركنَ بالمعركةِ وبعضهنَّ شاركنَ بالسبي. 

8- ويذكرُ الشيخُ الصدوق امرأةً أخرى تُدعى أمّ وهب وهي امرأةٌ نصرانيّةٌ جاءتْ مع ولدها وهب نحوَ الإمام الحُسين (عليه السلام) فأعلنتْ إسلامها، ولمّا استُشهِدَ ولدها في يومِ عاشوراء قُطِعَ رأسُهُ ورُمي بهِ نحوَ خيمِ أنصارِ الحُسين (عليه السلام)، فأخذتْ سيفاً وتوجّهتْ بهِ نحوَ الميدانِ "فَقالَ لَهَا الحُسَينُ عليه السلام : يا اُمَّ وَهبٍ اجلِسي فَقَد وَضَعَ اللهُ الجِهادَ عَنِ النِّساءِ ، إنَّكِ وَابنَكِ مَعَ جَدّي مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله).."(3)

جعلنا اللهُ منَ المتمسكين بالثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة. 

—————————————

 1- الملهوف: ص 198 .

2- إبصار العين، ص‏180 و181

3- الإمام الحسين في كربلاء، ص‏305 و306.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار