المقالات والبحوث

المؤمنون والتحديات في عصر الغيبة بقلم الشيخ محمد الفضلي

المؤمنون والتحديات في عصر الغيبة بقلم الشيخ محمد الفضلي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


المؤمنون والتحديات في عصر الغيبة
بقلم الشيخ محمد الفضلي

 


يواجه المؤمنون في عصر الغيبة تحديات كبيرة وتشكيكات هائلة ، تصدر غالباً من داخل البيت الاسلامي بشقيه الشيعي والسني، تحديات لم يبتلى بها المسلمون في عصر النبوة ولا في عصر الأئمة عليهم السلام.

ومن اكثر هذه التساؤلات هي :ما فائدة وجوده مع عدم ظهوره عياناً للناس، وكيف يتم الاستفادة منه وهو غائب؟

القرآن المهجور تطرق الى مسالة الغيبة وما يتبعها من آثار إيجابية تعود بالنفع أولاً وبالذات على صاحبها ،وعلى المجتمع ثانياً.

1- خليل الرحمن عليه السلام
ومن اهم أسباب الغيبة والابتعاد عن المجتمع ، هي ازدياد رقعة الفساد الاجتماعي والانحطاط الاخلاقي ، فتصبح مسالة الغيبة من اهم المسائل لارجاع الأمة لمسارها الصحيح (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا*فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا)مريم/48-49

2- الصديقة مريم عليها السلام
كذلك يتم من خلالها( الغيبة)الحصول على اعلى مراتب الكمال (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا.فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا... الى ان يقول تبارك اسمه....فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا )الآيات 16الى22 من سورة مريم.

الخليل عليه السلام (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا)مريم 49

الكليم عليه السلام
اعتزل وغاب عن قومه فكانت غيبته سبباً للالتحاق بركب العبد الصالح(فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا).الكهف : ٦٥

هذه بعض من نماذج الغيبة الصغرى

الان نتكلم عن الغيبة الكبرى عبر بوابة القرآن العزيز

1- عيسى عليه السلام
(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)..النساء : ١٥٧

صريح القرآن الكريم لنا ان عيسى عليه السلام لم يقتل ولَم يصلب ، إذن فهو حي غائب لحد الان .. اما ما فائدة غيبته فهذا بحث آخر ليس الان محل بيانه.

2- العبد الصالح

(فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا)..الكهف -٦٥
كان لهذا العبد الصالح شؤون عجيبة في التصرف بحياة الآخرين والحفاظ عليهم من جور الجائرين، وهو في غيبة عن المجتمعات التي يقضي حوائجهم .

3- ادريس عليه السلام
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا.وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)
مريم-56-57

هذا ما يرتبط بأولياء الله تعالى

اما ما يرتبط بالعدو الأكبر لبني آدم وهو صاحب اكبر غيبة عرفتها البشرية ، ابليس عليه لعنه الله، فلا يستطيع احد ان ينكر دوره الكبير وتأثيره المباشر في إضلال البشرية عن جادة الحق ، يمارس دوره منذ آلاف السنين عبر بوابة الغيبة.

وأصبح له خبرة كبيرة نتيجة مواكبة الأحداث عن قرب ، فانتشرت رقعة الفساد ( حتى امتلات الارض ظلماً وجورا)

ومن هنا تأتي أهمية المصلح الذي يقف بوجه الباطل مرتدياً رداء الحق، ولابد من خوض تجربة عملية طويلة الامد ليقف على كافة السبل لإنقاذ البشرية وهو ما تحتاج اليه البشرية ( غيبة كبرى) ليكون مراقباً للأحداث دون ان يشعر به احد

لماذا غيبة كبرى؟

كل دور يحتاج الى كفاءة تناسبه ، وهذا ما بينه القرآن المهجور ، فموسى عليه السلام يحتاج الى ( الشدة +الاستواء) للقضاء على الظلم الفرعوني (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)..القصص : ١٤

فدوره عليه السلام يحتاج الى هذا النوع من الكفاءة.

بينما في دور الصديق يوسف عليه السلام لم يحتج الى الاستواء بل كان دوره يحتاج الى الشدة فقط(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)..يوسف : ٢٢

نريد ان نقول ان كل دور ومسؤلية تحتاج الى دور يختلف عن الاخر.

ودور الامام المهدي عليه السلام ليس دوراً عادياً، بل يعتبر من اخطر الأدوار ، دور لم يقم به نبي ولا وصي قبله، دور يتمثل بإقامة دولة العدل الالهي ونشر القسط والعدل في كافة ارجاء المعمورة، وإقامة دولة إسلامية في جميع بقاع الارض

إذن الدور يحتاج الى كفاءة تتناسب مع حجم وضخامة هذا الدور، دور يحتاج الى شخص عاصر جميع الحضارات وا

لمجتمعات والانظمة، فعرف كافة نقاط القوة والضعف فيها

بلغ أشد ه واستوى، العلم موجود وهو امر نظري، ويحتاج الى الخبرة العملية وهي مسالة تطبيقية

فالغيبة ضرورية للأمام نفسه اولا وبالذات ولنا ثانيا وبالعرض.

الدور الرقابي

كذلك من اهم المسؤوليات الملقاة على عاتق الامام هو الدور الرقابي للمجتمعات (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)..التوبة: ١٠٥
الآية المباركة تقول لنا( اعملوا) كي نرد الى عالم الغيبة ( الغيب)

فتأمل

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار