المقالات والبحوث

بماذا وصى امير المؤمنين عليه السلام ابن عباس ليكلم الخوارج: بقلم الشيخ عماد الهلالي

بماذا وصى امير المؤمنين عليه السلام ابن عباس ليكلم الخوارج: بقلم الشيخ عماد الهلالي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


ما معنى قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس:

(( لا تحتج عليهم بالقرآن فإنه حمال، بل احتج بالسنة.. ))، بقلم الشيّخ عماد الهلالي

حينما بعث أمير المؤمنين (عليه السلام) عبد الله بن عباس للاحتجاج على الخوارج الذين رفعوا شعار لا حكم إلا لله ليبرروا تمردهم على أمير المؤمنين (عليه السلام) ويعترضوا على حكومة الحكمين اللذين أجبر عليهما (سلام الله عليهم) يوم تمردوا عليه يوم صفين بعد رفع المصاحف من قبل أتباع معاوية، فأجبروه على قبول الحكومة ثم قالوا له أنه ما كان عليه أن يطيعهم ويحكّم الرجال في دين الله.

فبعث (عليه السلام) إليهم عبد الله ابن عباس وقال له: (لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمّال ذو وجوه تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً) أي لن يجدوا عنها مهرباً.

ولنا هنا عدة تعليقات:

1ـ إن (السنة) في كلام الإمام قد لا تكون بنفس معنى السنة المتداول اليوم، بل قد يُراد منها أفعال النبي (صلى الله عليه وآله) وما فعله في حياته.

2ـ إن النص النظري قد يمكن الالتفات عليه وتأويله ولكن التطبيق العملي له لا يمكن تأويله ولا محيص منها لأنها تطبيق خارجي محسوس، خذ مثلاً لو ادعى أحدهم أن معنى قوله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) قد تناقشه نظرياً ولكن الشبهة تبقى عالقة، ولكن لو ذكرت له أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو عين اليقين لم يقطع العبادات طيلة عمره، فهذا الاحتجاج العملي سيقطع حجته.

3ـ إن هذه الكلمة منه (عليه السلام) أي نهي ابن عباس عن الاحتجاج بالقرآن مع الخوارج لعله لأنه علم مستوى بن عباس، وأنه لا يستطيع إقامة الحجة عليهم من القرآن في ذلك الوقت وتلك الظروف، فهو توجيه مقيد بظرف خاص.

وقد احتج (عليه السلام) على الخوارج بعد ذلك بالقرآن، فرد على تأوّلهم كلمة (لا حكم إلا لله) بقوله تعالى: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرُم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة) وقوله تعالى: [وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا (حكما من أهله وحكما من أهلها]).

4ـ ولعله (عليه السلام) شاء أن لا يحتج عليهم أحد غيره بالقرآن لئلا يكون لديهم الوقت للتمويه والتشويش عليه، بل أخر الاحتجاج بالآيات القرآن لوقت أفضل وظرف صممه هو (عليه السلام) لاستثمار قوة وروح القرآن في إقامة الحجة.

5ـ إن القرآن حمال وفيه احتمالات متعددة من باب المصاديق كما يعبرون، ولكن في ظرف الحرب قد يلجأ المغرضون إلى تشتيت المعنى الأساسي لكسب الوقت وتعطيل الحجة.

ويبقى القرآن هو الحجة اللازمة من قال به صدق ومن احتج به فلج ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار