المقالات والبحوث

إذا استطعت أن تصلح بدون أن تخدش فهو أفضل، بقلم الشيّخ عماد الهلالي

 إذا استطعت أن تصلح بدون أن تخدش فهو أفضل، بقلم الشيّخ عماد الهلالي
المصدر: واحة_ وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


إذا استطعت أن تصلح بدون أن تخدش فهو أفضل، بقلم الشيّخ عماد الهلالي.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(حاسبوا أنفسكم فهو أهون لحسابكم يوم القيامة).

ومحل الشاهد من هذا الحديث الشريف أن الله سبحانه يريد من الإنسان أن يحاسب نفسه ليستغني عن الحساب والفضيحة يوم القيامة.

ومع أن [الله سريع الحساب] إلا أنه لم يوبّخ عبده عند كل ذنب ويحاسبه كل ساعة، بل ترك له فرصة هي الحياة الدنيا ليحاسب نفسه بنفسه ويصلح نفسه قبل الفضيحة.

فإذا استطعتم أن تتخلقوا بأخلاق الله فافعلوا، وذلك حين ترون من أحدٍ خطأ وليس في ذلك الخطأ ضرر كبير على الناس، فلا تفضحوا المخطئ وتحاسبوه وتعرّفوه الخطأ جهاراً، بل ساعدوه بصورة غير مباشرة ليعرف خطأه من تلقاء نفسه، فإن التصحيح إذا جاء من داخله لا يتحسس منه ولا يستكبر عنه، أما ترون أن الله سبحانه أرسل لكل أمة رسولاً من أنفسهم ولم يبعث إليهم رسولاً غريباً عنهم فيتعصبوا ضده.

فانصحوا بصورة غير مباشرة وعالجوا ما وراء الذنب، وإذا امكنكم أن تستروا أخاكم حتى ينضج ويعرف خطأه بنفسه فهو أفضل مما لو فضحتموه بالنقد فيعرف الخطأ نعم ولكنه يبقى يستصغر نفسه أمام الناس ويخشع قلبه ويفقد مروءته، فقد رأينا كثيراً من الناس كانوا على خطأ ثم كبروا أو نضجوا فأصلحوا خطأهم وحمدوا الله أنه سترهم بين الناس حتى صاروا على الحق مع الاحتفاظ بالمروءة.

والنصيحة واجبة للمؤمن على المؤمن ولكن لا تستعجلوا نتيجتها فإن الإسراع بطلب الشيء يجعلك تفقده أحياناً، والنصيحة قد تؤتي ثمرتها من عمل واحد في زمان واحد بل قد تكون نتيجة تراكم أعمال كثيرة تتسق لإصلاح الفرد.

ومن أدوات الإصلاح غير المباشر مثلاً أن تسمعه القرآن أو تتلو عليه شيئاً من مصيبة الحسين (عليه السلام) أو تساعده على الزيارة أو تذكر له شيئاً من روايات المعصومين وسيرتهم.

وقد قيل للإمام الرضا (عليه السلام) أما ترى فلان من بني هاشم يعمل من المعاصي كذا وكذا، فهلا نصحته؟، فقال لهم (عليه السلام) لا أفعل، فقد سمعت أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: النصيحة خشنة.

وبالتأكيد فإنه (عليه السلام) لن يترك إصلاح ذلك الشخص، ولكنه أراد أن ينتظر به أولاً حتى يصلح نفسه ويصلحه بدون هتك مروءته.

فترفقوا بالناس ففي الحديث: (إن الله يعطي بالرفق ما لا يعطي بالعنف).

واحذروا من شهوة الواعظ، وذلك حين يكون دافعك التكبر على الناس حين توقفهم على أخطائهم ليتواضعوا لك وأنت في عباءة الناصح، فإن في النفس مفاوز ومغاور لا تنتهي ويجب الحذر منها فإن من دخلها لا يخرج منها أبداً. فعظوهم لله وانصحوهم لله وترفقوا بهم ليُترفق بكم، ولا تتركوا النصيحة والموعظة فيقطع الله عنكم مواعظه ونوره.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار