المقالات والبحوث

یوم العفاف من منبع العفاف : بقلم الشيخ يقظان الخزاعي

یوم العفاف من منبع العفاف : بقلم الشيخ يقظان الخزاعي
المصدر: (واحة) وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

یوم العفاف من منبع العفاف
بقلم الشيخ يقظان الخزاعي


عندما تكون النظرية عبارة عن مجموعة الفاظ مجردة عن المصداق أو لا يستطيع القائمون عليها تطبيقها في الخارج المحسوس سوف تكون خالية من الروح وتفقد قيمتها بل ويفقد حتى منظّرها قدرته على اقناع الاخرين بها وتبدأ قيمتها بالتنازل تدريجيا في نظره حتى تكون عبارة عن كتاب أو بحث وضع على رفوف النسيان، هذا بخلاف المبادئ والقيم الثابتة فهي ليست كذلك فكلما تقادم الزمان عليها تكون أكثر وضوحاً وأكثر تبلوراً ويكون المعتقد أكثر تمسكاً بها، فهي كالوردة التي إن عصرتها أعطتك من رحيقها أفضل ما تملك ما فيهِ شفاءٌ للناس.
العفاف واحدة من تلك القيم الانسانية التي ترشحُ خيراً وبركة على فاعليها وتكسبهم نوراً وبهاء، والتي تُنزل عليهم غيث السماء، فهي التي تُعز الانسان وتُكرمه، والتي تعد الحاجز المنيع لحصانة المجتمعات وتعمل على عدم تفشي الجرائم والموبقات بكل أنواعها.
فالمبادئ من قبيل الصدق، الاخلاص، مساعدة الاخرين، حب الخيرلهم، النية الصالحة، التواضع وغيرها من تلك القيم التي جسدها آل البيت عليهم السلام ومن قبلهم الانبياء صلوات الله عليهم أجمعين التي لولاهم لما عرفنا معانيها وكيفية التخلق والتحقق بها كانت جزءاً منهم لا تنفك عنهم.
فلم تكن زينب عليها السلام صاحبة نظرية تريد تطبيقها على أرض الواقع بل كانت صاحبة مبدأ واعتقاد راسخ وقد كان العفاف جزء من شخصيتها كيف لا وهي ربيبة بين النبوة ومهبط الوحي والتنزيل وكيف لا تكون كذلك وهي ابنةُ من قالت: (خيرٌ للمرأة أن لا ترى رجل ولا رجل يراها)، استطاعت أن تجسده بكل تفاصيل حياتها واستطاعت أن تحمله لغيرها لتبشر به ولسان حالها يقول يا أيها الناس هذا جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: ( إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة ) وهذا أبي علي ابن ابي طالب عليه السلام يقول: ( من عف خف وزره وعظم عند الله قدره ).
فها نحن اليوم نحتفل بيوم بولادة العفاف والطُهر الذي تجسد في عالم الدنيا فكان على هيئة زينب عليه السلام نحتفل بالعفاف الذي أصبح الحد الادنى منه مفقود في مجتمعاتنا، في مؤشر واضح لنقص فيتامين العفة الذي جر علينا الكثير من الويلات، العفة إذا غابت انفرط عقد الاخلاق في ليلة ليلاء، العفة التي هي المائز بين الانسان وبين الذين وصفهم رب العزة والجلالة ان هم كالانعام بل أضل سبيلا، فنحن بحاجة الى أن ننهل من ذلك النبع الصافي لعلنا نأتي منه بقبس أو نجد في النبع هدى ونتلمس طريقاً لما نحتاجه أو فقدناه، فالعفة لها أشكال مختلفة بحسب ما دلت عليه الروايات وكذلك تترتب عليها آثارٌ مختلفة.

فعفة القلب أن لا تحسد ولا تبغض.
وعفة اللسان أن لا تكذب ولا تغتاب.
وعفة العقل أن لا تفكر فيما لا يرضيه.
وعفة اللباس أن تلبس ما يناسبك.
وعفة البطن أن لا يدخلها الحرام.
العفة يعني أُسرة متماسكة.
العفة يعني مجتمع سعيد.
العفة يعني مجتمع آمن.

اذا أردنا أن نعيش حياة حرة كريمة ونقطف ثمار العفة لا بد أن نلتحق بالركب الزينبي السائر نحو الكمال والذي لا زال ينادينا وفاتح ذراعيه إلينا ما دمنا على قيد الحياة علينا أن نغتنم هذه الفرصة ونحث الخطى على الالتحاق به ولا ننسى أننا في زمن السرعة ولكن للأسف السرعة تجاه الانحلال وتفسخ الاخلاق والابتعاد عن الدين، نحن أيضا قد أُمرنا بالسرعة في قراننا المجيد { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } (سورة آل عمران 133) بل أمرنا أن نتسابق وكأنما هناك طرف أخر نريد أن نتفوق عليه وقد يكون النفس الامارة بالسوء أو الشيطان بكلا قسميه شياطين الجن والانس { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } (سورة الحديد 21) فمناسبات الائمة الاطهار عليهم السلام والصالحين والعظماء فرصة كبيرة لاعادة الحسابات وتفعيل البوصلة للرجوع الى جادة الصواب التي بها لا بغيرها نصل الى الله رضا الله تعالى والنجاة من هذه الدنيا وكسب الاخرة وتجاوز عقباتها الكؤود.
نبارك لكم ولادة العفاف فخر المخدرات زينب العظمى عليها الاف التحية والسلام ونسأل الله تعالى أن يرزقنا نظرتها في الدنيا وشفاعتها في الاخرة انه على كل شيء قدير وبالاجابة جدير والحمد لله رب العالمين
.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار