المقالات والبحوث

النوم وحقيقته، بقلم الشيّخ علي حسن الغزالي

النوم وحقيقته، بقلم الشيّخ علي حسن الغزالي
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


النوم وحقيقته، بقلم الشيّخ علي حسن الغزالي.

تعريف النوم كما ورد عند الشريف الجرجاني هو : حالة طبيعية تتعطل معها القوى بسبب ترقي البخارات الى الدماغ

أما النوم اصطلاحا يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان : هو انفصال النفس عن الجسد وهو موت إلا أن النفس فيه ترجع الى البدن والموت لاترجع

وهنا لدينا كلام وهو
النوم كحالة طبيعية هل هو عائد للنفس ام للبدن ؟

الجواب هو عائد للبدن وليس للنفس وهذا طبيعي جدا ومن هنا يعتبر النوم علاقته بكمال النفس علاقة ثانوية وليس أولية لان قوى البدن اذا كانت صحيحة تكون سببا في كمال النفس لان قوى البدن هي السبب في الجانب العملي للعبادة والنفس هي الجانب الموجه والمنصاع لله عز شأنه

فالكمال المطلوب هو كمال النفس
وبنفس الوقت نفهم أن كمال النفس يختلف عن كمال البدن إلا ان هناك نوع من العلاقة بينهما

وهنا يرد السؤال الاخر وهو
هل النوم كمال للبدن ؟

الجواب : النوم حالة تحافظ على اتزان قوى البدن ولا نقول هو كمال له وأن كان الشك يدور حول علاقته المباشرة بكمال البدن ولكن الثابت هو مُحافظ على اتزان قوى البدن فيكون له علاقة مباشرة بالامور التي لها سبب في كمال البدن
والبدن الذي لاينام اطلاقا يتأثر ويتضرر وهذا ثابت في الشريعة الإسلامية والأدلة العقلية

أما الأدلة العقلية فهي وجدانية بإن البدن الذي لا ينام إطلاقا يصاب بعدة امراض أولها عدم التركيز

وأما الشرعية
فقد وردت الكثير من الاحاديث الشريفة بخصوص النوم منها

عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن منصور بن العباس ، عن عمرو بن سعيد ، 
عن الحسن بن صدقة قال : قال أبوالحسن عليه‌السلام : قيلوا ، فان الله يطعم الصائم ويسقيه في منامه
( وهنا يقصد نوم القيلولة )
وكذلك ورد في وصية الرسول الاكرم للامام علي عليه السلام بأن لا ينام قبل أن يتوضئ

هذا الحديث هو واحد من عشرات الاحاديث التي تكلمت عن النوم وهنا لنا

تنبيه :
ان الشارع لايطلب منا شيء ليس فيه مصلحة أو كمال أو أنه سبب في كمال أو مصلحة سواء للبدن أو للنفس
والدليل على ذلك وردت أيضا عشرات الاحاديث بالنهي عن كثرة النوم وان الإنسان يجب أن يكون متزنا في أعماله

نفهم من ذلك أن النوم كحالة شبيهه بالطعام وهو أحد أغذية البدن يجب أن يكون ضمن برنامج متزن أن ينام الانسان على قدر مايوفر له السهر بطاعة الله عز شأنه
فهو مساعد على الحفاظ على قوى البدن

بقية إشارة مهمة وهي في نقطتين

اولا : اعتبر البعض النوم بأنه غفلة وهذا لو تأملنا به غير دقيق
لان الغفلة تابعة للنفس وليس للبدن والنفس بطبيعتها لاتنام ولايعرض عليها النوم بل إنها تبقى تجول في عالم خاص ومنها اي النفوس تجول بعوالم أخرى كما ورد عن الامام الصادق عليه السلام قال ( ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما كشعاع الشمس ........ الى اخر الحديث

فالنفس لاتنام ولكنها تغفل وكما عرفوا الغفلة بأنها ( متابعة النفس على ماتشتهيه ) وأما البدن لاتعرض عليه الغفلة لانه عبارة عن مجموعة قوى اختلفوا في عددها خمسة أو سبعة والاغلب عند العرفاء قالوا سبعة وهي ( الاذن والعين واللسان والبطن والفرج واليد والرجل ) خاضعة لقوى النفس فهي المحرك لها فعندما ينام الانسان هذه القوى تتعطل
الجانب العلمي يقول لأمر تابع للدماغ والجانب الباطني يقول مفارقة النفس للبدن
اذن الغفلة تابعة للنفس وليس للبدن بينما النوم تابع للبدن وليس للنفس
گول لا .... سبحان الله اذن كيف قبلت بهذا التفسير يا سيدنا الجليل جزاك الله خيرا ؟!!!!!!!!!!!!

ثانيا : أن الحديث الذي يتكفل إثبات الشيء وعدمه هو حديث متخصص بالجوانب الفلسفية فإذا أردنا أن نعرف أن النوم هل فيه كمال للبدن أو للنفس وماشابه من ذلك فهذا مايكون بحثه فلسفيا وليس له علاقة بالاخلاق
لان الاخلاق كعلم يتكفل دراسة السلوك ولايتكفل وجود الشيء وعدمه

فعندما نريد أن نجيب على سؤال مضمونه أخلاقية النوم فيجب أن يكون جوابنا بما يخص جانب السلوك
وهنا يكون جوابنا عن أخلاقية النوم بما يخص السلوك فنقول
أن أخلاقية النوم وردت في الشريعة بعدة أمور منها

اولا : عدم كثرة النوم لأنه احد العوامل التي تساعد على الغفلة وليس هو غفلة كما مر وانما كثرته تساعد على الغفلة كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ((اياك وكثرة النوم فأن كثرة النوم تدع صاحبه فقيرا يوم القيامة))

ثانيا : الطهارة ...
علينا أن ننتبه إلى أنفسنا ولا ننام ونحن بغير طهارة سواء من الحدث الأكبر أو الأصغر
وكذلك ورد استحباب الوضوء قبل النوم وقراءة القرآن وذكر الله تعالى

ثالثا : هناك أوقات نهتنا الشريعة من النوم فيها كما في وقت الفجر وهناك اوقات جعلتها الشريعة من مستحبات النوم
وهنا أخلاقية النوم في الوقت علينا الإنتباه لها

 

هذه أهم الجوانب المتعلقة باخلاقية النوم وبشكل مختصر
والحمد لله رب العالمين.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار