المقالات والبحوث

كيف انتشر السفور ، والتبرّج في المجتمع المسلم ؟! بقلم فضيلة الشيّخ ميثم الفريجي

كيف انتشر السفور ، والتبرّج في المجتمع المسلم ؟! بقلم فضيلة الشيّخ ميثم الفريجي
المصدر: واحة _ وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف


كيف انتشر السفور ، والتبرّج في المجتمع المسلم ؟! بقلم فضيلة الشيّخ ميثم الفريجي

لا شك أن السفور ، والتبرّج ظاهرة طارئة على المجتمع الاسلامي بعد أن كان الستر ، والعفة ، والحجاب هي السمة الغالبة فيه تبعاً لتربية القرآن الكريم ، وسيرة المعصومين (ع) في فرض الحجاب ، والتأكيد عليه ، ولكن شاعت ثقافة السفور، والتبرّج في العقود الأخيرة بين المجتمعات الاسلامية لجملة من الأسباب نحاول أن نلخّص عدداً منها :

الأول : ترويج الثقافات الغربية الداعية الى التهتّك ، والانحلال ، والخلاعة عن طريق الأفلام الواطئة ، والمسلسلات المدبلجة، ، والقصص ، والمسرحيات ، و نحوها داخل المجتمع الاسلامي حيث حبَّذوا للمرأة أن تمثّل دور الاغراء ، والحب وانسوها دورها الرسالي : دور الأمومة ، والعلم ، والعمل ، والبناء .

وهذا ما يتماشى مع الأذواق الغربية في جعل المرأة مجرّد جسد يُستلذ به ، ويرمى بعد انتهاء لذته فجعلوها مجرّد دمية لعرض الأزياء في جسد شبه عارٍ ، فتاجروا في جسدها ، وتنكّروا لجميع حقوقها ، وشؤونها كإنسانة كرّمها الله تعالى .

بينما الاسلام حفظ لها هذه الكرامة ، وأباح لها الزينة والتبذّل ، والتبرّج ، ولبس ما تشتهي ، ولكن بإطار شرعيّ نزيه يحفظ لها عزّتها وينتج لها بيتاً مليئاً بالحب ، والحنان ، والوئام بين أولادها ، وفي أحضان زوجها.

فعلى المرأة المسلمة أن تعي دورها، وتكون محلّاً ، و مستحقّاً لما حباها الله تعالى به من الكرامة حيث جعل لها ستراً ، وحصناً يقيها النار في الدنيا ، والآخرة ، ولا تنجر، وتنخدع بهذا المكر إلى مستنقع الرذيلة والله المستعان على ما يصفون .

الثاني : قلة الوازع الديني عند بعض النساء يُضاف له ضعف الثقافة الدينية تجاه الحجاب ، وحكمة تشريعه ، وقد تنطلق بعض النساء من الأجواء الاجتماعية المفروضة عليها فتجد الحجاب تقليداً عشائرياً ، أو عرفاً اجتماعياً بين بنات منطقتها ، أو عشيرتها ، وسرعان ما يتأثّر هذا الصنف من النساء وسط هذه الأجواء المذكورة بالموضات ، وهوس التقليعات فتحاول أن تقلِّد السافرة في أجوائها ، ولو بالتدريج حتى تفقد حجابها .

الثالث : الحرية الخاطئة التي تُطلقها الأم ، وربمّا الأب في بعض العوائل المسلمة فتترك ابنتها بالخيار ، إن شاءت تحجبت وإن شاءت أسفرت ، كما سمعنا ذلك في بعض الدول العربية المسلمة في عمر لا تستطيع الفتاة أن تميّز ما ينفعها ممّا يضرها ، فتختار السفور تماشياً مع ما يحيطها من الأجواء في المدرسة ، أو الشارع ، أو الأماكن العامة.

الرابع : التسامح الواضح في أداء وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى وصل الحال أن تصبح ظاهرة السفور ، والتبرّج ظاهرة مألوفة يتعايش معها الفرد المسلم بكل سلاسة ، وانسجام من دون أن يحرّك ساكناً تجاهها فَترَكَ الأمرَ بالمعروف بيده ، ولسانه ، بل وقلبه ولمْ يتحلّى بأضعف الإيمان ، وهذا السبب سيّالٌ في كثير من الظواهر المنحرفة في المجتمع ، وقد أشارت الرواية إلى هذا المعنى .

فقد ورد عن الرسول الأكرم ( ص ) قوله : (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، وفسق شبابكم ، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟! فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله ؟! ، قال : نعم وشر من ذلك ، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف ؟! ، قيل : يا رسول الله ويكون ذلك ؟ ، قال : نعم وشر من ذلك ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً)) .
وهذه الطامّة الكبرى أن يسري المنكر بين الناس حتى يُصيِّروه معروفاً فيما بينهم ، ويُهجَر المعروف حتى يُصيَّر منكراً بعيونهم ، وقلوبهم ، وألسنتهم ، والمشتكى لله تعالى ، وهو المستعان في كل زمان ، ومكان .

الخامس : قد يكون جزء من السبب يقع على عاتق المؤسسة الدينية بمختلف مراتبها ، وبحسب حجم مسؤولياتها ، لما تمثله هذه المؤسسة من صمّام أمان للفرد ، والمجتمع
فكلّما نهضت بمسؤولياتها وواجبها الشرعي من الارشاد والوعظ وبيان الأحكام الشرعية وتفعيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتشخيص أسباب الخلل ، وطرح الحلول للعلاج كلّما انعكس هذا الأداء المتميّز على المجتمع بالخير ، والصلاح فإن الناس قد تنطلق من واقع الجهل الذي تعيشه بأحكام الشريعة فترتكب المحرمات ، وتبتعد عن أداء الواجبات ومن هنا احتاجت إلى موجّه ، ومرشد ينير لها الطريق إلى الله تعالى ، والعكس صحيح فكلّما تكاسلت المؤسسة الدينية ، وتقاعست عن أداء مسؤولياتها فقدت ثقة الناس بها ، والتجأ الناس إلى غيرها ليملأ فراغهم الذي يشعرون به فينتشر الفساد ، والانحلال ، والسفور ، والتبرّج وسط غياب المرشد والموجه .

ويمكن أن نشير هنا إلى بعض مسؤوليات المؤسسة الدينية تجاه هذه الظاهرة السلبية :-
رفع الجهل عن الناس ، وذلك من خلال بيان أهمية الحجاب في التشريع الاسلامي ، والأدلة الخاصة عليه عبر وسائل متعددة : كالمحاضرات ، والندوات ، والكرّاسات ؛ والآن الفضائيات ، والإذاعات ، ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.
تشجيع الفتيات من سنٍّ مبكّر على الحج

اب ، وخلق الدافع النفسي عندهنَّ للتمسك به ، ولو بتخصيص فعّاليّات في يوم تكليف الفتاة ، ووصولها إلى السن الشرعي الذي تتشرّف به ، وتكون محلاّ ًلخطاب الله تعالى ، واعداد هدايا تحفيزية ، وتشجيعية لهنّ .
بيان مسؤولية أولياء الأمور تجاه أولادهم وخاصة البنات ، قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ))
درء الشبهات ،وصدّ الهجمات التي يقوم بها أعداء المرأة تحت شعار ( حرية المرأة ) ، وان الحجاب ينافي حريتها .
تأسيس المنظمات الاجتماعية ، والدينية النسوية ، وتفعيل ما هو موجود منها للقيام بمسؤوليات مباشرة مع النساء بالوعظ ، والإرشاد ، والتوجيه ، فإن المرأة أقرب إلى المرأة ، وتستطيع أن توفّر جواً اقناعياً أكثر ممّا يحقّقه الرجل.
تفعيل فريضة الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر فإنها أسمى الفرائض وأشرفها كما وصفها الإمام الباقر ( ع )

قال تعالى : (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون )).

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار