المقالات والبحوث
رشحات نورانيّة في شرح الخطبة الرمضانيّة٤، الشيّخ ميثم الفريجي
رشحات نورانيّة في شرح الخطبة الرمضانيّة٤، الشيّخ ميثم الفريجي
ثم يقول ( صلى الله عليه واله ): ( ووقروا كباركم ، وارحموا صغاركم ، وصلوا أرحامكم)
يسترسل النبي (صلى الله عليه واله) في بيان جملة من الاحكام الشرعية والآداب الاسلامية التي ينبغي لكل مسلم أن يتحلّى بها ، بل هي توافق الفطرة والانسانية لذا كانت محل احترام المجتمعات الانسانية الواعية ، وذكرها في الخطبة الرمضانية لا يعني أنّها مطلوبة فقط في شهر رمضان دون غيره من الأزمنة ، بل هي مطلوبة على وجه الاطلاق في كل زمان ومكان ، على مستوى الافراد والمجتمعات ، نعم جاء التأكيد عليها هنا لخصوصية هذا الشهر الفضيل وما فيه من البركة والرحمة والمغفرة ، فحريٌّ بالمؤمن ان لا يغفل عن مثل هذه الاحكام والآداب الواضحة التي دعى اليها الدين الاسلامي الحنيف ، وجريا على قاعدة ان الله يضاعف الثواب على العمل في هذا الشهر المبارك - كما سنسمع في تلاوة القرآن - كان التأكيد والتركيز على جملة منها كما في :
- توقير الكبير بأداء مزيد من الاحترام والتعظيم والتبجيل له ، لمجرد كونه أكبر سنا ، وهذا الأدب يعد من الاخلاق والمبادي الاسلامية المهمة التي تحاكي الفطرة وتصطبغ بصبغة الانسانية السليمة . وبذلك تشهد الادلة الشرعية حيث نقل جامع أحاديث الشيعة جملة منها ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول (صلى الله عليه وآله) : قال الله عز وجل : انى لأستحيى من عبدي وأمتي يشيبان في الاسلام ثم أعذبها ) .
و قال (صلى الله عليه وآله ) : ( ما أكرم شاب شيخا الّا قضى الله له عند شيبه من يكره ) ، ( من عرف فضل شيخ كبير فوقره لسنه آمنه الله من فزع يوم القيامة ) ، (من تعظيم الله عز وجل اجلال ذي الشيبة المؤمن )
و عن عبد الله بن سنان قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) : ( من اجلال الله عز وجل اجلال المؤمن ذي الشيبة ومن أكرم مؤمنا فبكرامة الله بدأ ومن استخف بمؤمن ذي شيبة أرسل الله اليه من يستخف به قبل موته )
- وفي قبال توقير الكبير يأتي أدب آخر وهو الرحمة بالصغير ( ارحموا صغاركم ) بالحنو والعطف عليهم ، والرحمة بهم ماداموا صغارا . ومثل هذه الآداب تعد كمالا للمجتمعات الانسانية ترفع من شأنها وتجعلها متراصة متماسكة يسودها الود والاحترام والرحمة ، وما أحوجنا اليها في مجتمعاتنا الاسلامية لنخرج عن حيز الشعارات الى واقع التطبيق كما يريده النبي (صلى الله عليه واله) منّا
- صلة الرحم : أدب الزامي آخر يوصي به النبي صلى الله عليه وآله ، ويؤكد عليه في هذا الشهير الفضيل ، وما ورد من الآيات والروايات في ذلك بمكان من الكثرة والاستفاضة لما يتركه هذا الادب من تراص وتماسك بين افراد المجتمعات من خلال التواصل والتزاور والأحسان فيما بينهم ، قال تعالى :(( وَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) الانفال :75 ، وقال تعالى :(( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّـهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً )) الاحزاب : 6
روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رجلا من خثعم جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أخبرني ما أفضل الإسلام، قال: ( الإيمان بالله، قال: ثم ماذا قال: ثم صلة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال : فقال الرجل: فأي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: الشرك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال قطيعة الرحم، قال، ثم ماذا؟ قال: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف )1
و عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: ((الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ))، فقال: قرابتك.
و عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( من سره أن يمد الله في عمره وأن يبسط له في رزقه فليصل رحمه، فإن الرحم لها لسان يوم القيامة ذلق تقول: يا رب صل من وصلني واقطع من قطعني، فالرجل ليرى بسبيل خير إذا أتته الرحم التي قطعها فتهوي به إلى أسفل قعر في النار ) 3
1: الكافي ج5 ص 58 ، ح 9
2: الكافي ج 2 ص 156 ، ح27
3: نفس االمصدر ، ح 28.
© Alhawza News Agency 2019