المقالات والبحوث

بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ــــــــــــــــ الاستاذ عماد الهلالي

بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ  ــــــــــــــــ الاستاذ عماد الهلالي
المصدر: (واحة) وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

معارف الولاية عميقة والدين عميق والمعرفة عميقة والخلق عميق، وإذا لم نعرف شيئاً من أسرار ذلك العمق فليس من الصحيح أن ننكره ومن المهلك أن نستهزئ به، وقد وردت روايات عديدة في الذم الشديد لمن يأتيه الحديث فلا يفهمه فيقول والله ما قال هذا رسول الله فيكون كالراد على الله.
ومما يؤلم القلب ذلك الذي يتعرض لروايات عرض ولاية أهل البيت (عليهم السلام) على الكائنات فيستهزئ بها وينكرها وكأنه واقف على سدرة المنتهى وأفق المعرفة فلا وجود لشيء لا يراه.
وهذه الروايات من كنوز المعارف وأسرار الولاية، وكل ما قيل في الاستهزاء بها مردود، فأما الاستهزاء بكلمة الباذنجان في الروايات فإنما صار الباذنجان مورداً للاستهزاء لأنه كان الأكلة الرخيصة التي كان بإمكان الفقراء في العراق شراؤها ويسرها الله لهم في سني التسعينيات فصارت مورداً للاستهزاء والنكات بدل شكر الله تعالى واحترام نعمته، ويعرف المختصون فيها من عجائب الخلق ما يبهر المتأملين.
وأما كون الجبال وغير الإنسان غير حية فهي غير مكلفة، فهذه صيحة من صيحات الجاهلين بل الماديين الذين لا ينتمون للتفكير لديني، وقد وردت آيات كثيرة تخبرنا عن حياة المخلوقات غير الإنسان ونطقها وتسبيحها مع أولياء الله، ولكن هؤلاء الماديين الذين يريدون بزعمهم محاربة الخرافات وإنما هم يحاربون الدين والمعرفة ويريدون تحويله إلى دين مادي على قياس مداركهم المتضايقة وينكرون ما لا يعرفونه، هؤلاء معرضون عملياً عن كتاب الله ولم يتأملوا في آيات القرآن كقوله تعالى: [وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ] (الأنبياء : 79). وقالوا أن الله يأمر أمراً ولا يعرض الشيء على الكائنات وكأنهم لم يسمعوا قوله تعالى: [إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً] (الأحزاب : 72).
وما إلى ذلك من قياساتهم المادية التي يطرب معهم لها الماديون.
ويصل الجهل والجرأة بهم إلى الخلط بين هذه الروايات التي تذكر عرض الولاية مع مصطلح الولاية التكوينية الذي هو مصطلح متأخر ومختلف عن كلمة (الولاية) في الروايات الشريفة، فيرفضونها لموقفهم من الولاية التكوينية.
وهذه المناهج بعيدة عن المنهج العلمي وعن الروح الدينية وعن التواضع الذي ينبغي أن يتحلى به المؤمن، وهم لن يزدادوا علماً بهذا الإنكار، والموقف الصحيح هو انتظار العلم والإقرار بجملة ما جهلوه من الغيوب والاعتراف بعمق الدين وشموخ المعارف، وليس الإنكار والجحود والاستخفاف بالعارفين بهذه الأمور بل الاستهزاء بالروايات ورفضها.
] بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ] (يونس : 39).

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار