المقالات والبحوث

♦️ المؤثرات البيئية للمجتمعات ✍️ الشيخ عماد مجوت

♦️ المؤثرات البيئية للمجتمعات   ✍️ الشيخ عماد مجوت
المصدر: واحة - وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

♦️ المؤثرات البيئية للمجتمعات 

 

✍️ الشيخ عماد مجوت

 

 

 

البيئة عنصر فاعل في حركة المجتمع الأخلاقية والروحية سلبا وإيجابا كما هو واضح للمتلمس في قراءة الواقع البنائي لكل مجتمع .

 

#والقرآن الكريم أشار إلى حقيقة تأثير البيئة في التنشئة الأسرية والبناء الاجتماعي عموماً في قوله تعالى:﴿وَالبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخرُجُ نَباتُهُ بِإِذنِ رَبِّهِ وَالَّذي خَبُثَ لا يَخرُجُ إِلّا نَكِدًا كَذلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَومٍ يَشكُرونَ﴾[الأعراف: ٥٨]. وهي إشارة إلى تأثير البيئة في خلق الجيل الصالح والذي تظهر على يديه ثمار صلاح البيئة.

 

#ومن هنا يدخل دور الأسرة كعنصر فاعل في خلق أجواء الصلاح كما يشير إليه قوله تعالى :﴿فَأَتَت بِهِ قَومَها تَحمِلُهُ قالوا يا مَريَمُ لَقَد جِئتِ شَيئًا فَرِيًّا * يا أُختَ هارونَ ما كانَ أَبوكِ امرَأَ سَوءٍ وَما كانَت أُمُّكِ بَغِيًّا﴾[مريم: ٢٧-٢٨]. حيث كان استغرابهم من جهة أن منبتها لم يكن منبت سوء أسريا حتى تأتي ما ينافي الأخلاق، ولذلك وجهوا لها العتاب بصورة الاستغراب، #ولعل هذا هو الأساس في إختيار الزوجة الصالحة التي تهيء تلك الأرضية كما يشير إليه قول الحبيب صلى الله عليه و آله: "أيها الناس إياكم وخضراء الدمن قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء".وسائل الشيعة - ج ١٤ - الصفحة ٢٩.

 

#ومن هنا فإن أي حركة إصلاحية للمجتمع تهدف إلى زرع الإصلاح الأخلاقي والروحي سوف تبدأ من غرس نبتات البيئة الصالحة، وهو ما ينبغي تأصيله في الحركة الإصلاحية، ومنها الإسلامية.

#فما لم تقدم الحركة الإسلامية تجاه الإصلاح الأخلاقي والروحي أبا صالحا، وأما كذلك، ومعلما متفانيا، وقاضيا عادلا، وواعظا متعظا، وطبيبا إنسانيا، فإن السعادة الحقيقية والحياة الطيبة الهنيئة تكون ضربا من المثالية كشجرة لا تظل ولا تثمر .

وهو ما تؤكده حركة الأنبياء عليهم السلام حيث تبدأ من حيث الإنسان وزرع المفاهيم القيمية فيه، حتى أن القارئ لتأريخ رجالات الإصلاح الأخلاقي والروحي يجد أنهم يبدأون من إيجاد الفعاليات الإجتماعية التي توجد حركة تغيرية تهز الواقع لتنتج أسرة محافظة ومعلما مخلصا وقاضيا عادلا وواعظا متعظا وطبيبا غايته الإنسان وكل ذلك لأجل التمهيد لخلق بيئة الصلاح التي تؤسس لخلق أجواء الأخلاق و الروحانية.

 

#ولعل أهم ما فقدته الحركات الإسلامية اليوم تجاه الإصلاح الأخلاقي والروحي  هو إنشغالها عن صناعة جيل يجد لذة الأخلاق والروحانية إلا ما رحم الله تعالى في سلوكياتها وادبياتها، وراحت مستبدلة ذلك باغراقه في الماديات، تصورا منها في استعطافه واستمالته !! والحال أنها مهما أمعنت في توفير وسائل البيئة المنتعشة إقتصاديا فإنها لن تجد تفاعلا حقيقيا معها، فضلا عن تلمس لذة الأخلاق والوجدانيات، وهو ما يجعلها عرضة لردود فعل الشباب تجاهها وفرت لهم الراحة المادية ام لا.

#وهو ما يجعلنا نعيد حسابتنا بتواضع مع كتاب الله تعالى وسيرة أولياءه عليهم السلام إذا كنا واقعا نريد السعادة الحقيقية:﴿وَالَّذينَ يُمَسِّكونَ بِالكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ المُصلِحينَ﴾[الأعراف: ١٧٠]. ولا تكون نبتات الخير إلا مع غرس القيم الجميلة في نفوس أبنائنا ، ولا يكون ذلك إلا حينما تكون الأسرة لا يكون الأب أمرا سوء، ولا تكون الأم فيها غير ملتزمة أخلاقيا.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار