المقالات والبحوث
رشحات نورانية في شرح الخطبة الرمضانية٢، الشيّخ ميثم الفريجي
رشحات نورانية في شرح الخطبة الرمضانية٢، الشيّخ ميثم الفريجي
ثُمّ قال (صلى الله عليه وآله) : ((هو شهرٌ دُعيتم فيه الى ضيافة الله ، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله ))
يُعلن النبي (صلى الله عليه وآله) عن دعوة موجهة الى عموم الناس في هذا الشهر الفضيل دعوة كريمة ومباركة ، إلّا أنّه لم يبيّن بالاسم من هو الداعي اليها والمضيّف فيها ، وأنّما بنى فعل الدعوة للمجهول ذلك لعظمة وجلالة وكبرياء صاحبها ، ولتحفيز الناس للمسارعة بالاستجابة لها ، فلا تليق مثل هذه الدعوة الا بساحة قدسه تبارك وتعالى ، ، وقد دعانا الى موائده الكريمة ، فكان الامتياز الاول لنا وبه نفتخر في الدنيا والآخرة
أمّا الامتياز الثاني فانه تبارك وتعالى أرسل الينا دعوة الضيافة بيد نبيه وسيد رسله محمد (صلى الله عليه وآله) ، فكانت دعوة كريمة من ربٍّ كريم بيدٍ كريمة هي يد النبوة والطهر .
أمّا مائدة الضيافة فظاهرها أنها مائدة خاصة لا تتاح في بقية الشهور ، مع انّ ساحة كرم الله عامرة ابداً ، ولا بخل فيها ، فكل مخلوقاته تعيش على مائدة رزقه وهباته وعطاياه العظيمة في كل زمان ومكان ، فهذه موائد عامة ،
وما دعينا اليه في هذا الشهر مائدة خاصة لا مثيل ولا نظير لها ، بحيث عّدّ من تخلّف عنها شقيٌّ حينما قال صلى الله عليه واله :( فأن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم )
ومن الطبيعي ان الضيافة تكون مناسبة لشأن المضيّف ، فنرى ان الناس تتنعّم في ضيافة الملوك والأمراء وأصحاب الجاه والكرم والنفوذ ، فكيف بضيافة ملك الملوك الذي لانفاد لعطائه ، فستكون الضيافة مناسبة لشأنه تبارك وتعالى وأوضحه مصاديقها : غفران الذنوب ، وستر العيوب ، والعتق من النار ، والفوز بالجنان ، ورضوان من الله أكبر ، فكان هذا الامتياز الثالث ، ولدينا مزيد ....
فحريٌ بنا أيّها الناس أن نكون اهلا لهذه الضيافة ، ونلبّي دعوة صاحبها بحق ، ونلتزم أدبها فلا نتعدّى حدوده ، ولا نسيء الادب في محضره ، ونتخلّق بالاخلاق الحسنة ، ونؤدي مراسم الشكر بين يديه بالامتثال لأوامره والابتعاد عن نواهيه ...
وما أروع وأجمل ان نحظى برضاه لنكون من أهل طاعته ، و أهل كرامته ، مع أهل ولايته محمد وآل محمد ( صلوات الله عليهم أجمعين )، وننعم بضيافته دوما وابدا ،
(( وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ )) المطففين : 26
© Alhawza News Agency 2019