المقالات والبحوث

(6) سلسلة:أشهدُ أنّ دمَكَ سكنَ في الخُلد الشيّخ عماد الهلالي

 (6) سلسلة:أشهدُ أنّ دمَكَ سكنَ في الخُلد  الشيّخ عماد الهلالي
المصدر: واحة - وكالة أنباء الحوزة العلمية في النجف الأشرف

 

(6) سلسلة:أشهدُ أنّ دمَكَ سكنَ في الخُلد

الشيّخ عماد الهلالي 

6ـ (وأشهد أنك قتيل الله وابن قتيله وأشهد أنك ثائر الله وابن ثاره)

إن عبارات مثل (ثأر الله) و (قتيل الله) تشير إلى عظمة القضية الحسينية وقصدية السماء إذ أذنت بهذه الملحمة على الأرض والمخطط الإلهي للثأر للحسين (عليه السلام)، فليست قضية الحسين إذن قضية ظلامة شخص قُتل نتيجة لملابسات وسوء فهم بين السلطان وولاته، أو استعجال وعدم تقدير للأمور وعدم معرفة لعواقبها بحيث حصل القتل عرضاً وبلا معنى، فتتحول قصة مقتل الحسين إلى قصة مؤسفة وأخطاء لا تستحق أن تبقى إدانتها للمنهج الذي تسبب بها، كما يريده التسطيحيون باسم التنوير والحداثة اليوم.

سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن معنى (ثار الله) فقال: الثأر الذي يطلبه الله.

فمثلما يكون هنا في الدنيا ولي الدم هو من يطلب بثأر قتيله فالله سبحانه هو من يطلب بثأر الحسين (عليه السلام).

وليس ثأر الله بالانتقام من القتلة وتدميرهم ولو كان كذلك لأهلكهم الله بعدها بل قبلها، بل الثأر هو ما يقابل تسكين غضب صاحب الدم وتعويضه وتحقيق ما يريده في القاتل، وكيف يمكن تصور ذلك بالنسبة لله تعالى؟

الجواب بأن ثأر الله للحسين (عليه السلام) يكون بتحقيق الهداية والشفاعة بمدى وعمق يوازي ويعادل عمق وجود الحسين (عليه السلام) والتضحيات التي قدمها. 

وقد كانت الجريمة بقتل الحسين (عليه السلام) وقتل أهل بيته وسبي عائلته هائلة ومأساوية ولا تعوّض في الدنيا، ولا ثأر إلا بتعويض الهداية التي كانت ستتحقق بوجوده ووجود أهل بيته بمثلها وبما يشفي صدر الحسين (عليه السلام) بأعدائه وبما يقرّ عينه بأوليائه ويقرّ عين المحزونين بفقدانه من أهل السماء والأرض، فيريه الله منزلته ومنزلة أنصاره في قلوب الناس بعده وهي مراتبهم في الجنة، ويريه الله مملكته في القلوب وكيف تسري روح قضيته ومأساته في الشرق والغرب فتحيى بها القلوب والنفوس حتى ينتشر النور من نوافذ القلوب التي فُتحت لنوره المقدس المضاء بالحب والحزن، فتسري الهداية كأسرع وأقوى من كل مشروع تبشيري بشري، ولا يملك الظالمون قتلها لأنها صارت من عالم الخلد والآخرة.

(وأشهد أنك وِتْرُ الله الموتور في السماوات والأرض) الوتر بمعنى الثأر أيضاً، وقيل بأن المقصود بالوتر هنا الفرد الذي لا يتكرر، ويمكن أن نفهم منها أيضاً البقية التي لا ثاني لها، لأنه (عليه السلام) آخر أصحاب الكساء (سلام الله عليهم)، فهو البقية التي استأصلها الناس رغم فقدانهم نظرائها من أهل الكساء.

وكالة انباء الحوزة العلمية في النجف الاشرف - واحة
© Alhawza News Agency 2019

اخبار ذات صلة

تعلیقات الزوار